الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } * { وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ } * { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } * { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ }

{ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } ، جنون، وليس كذلك، { بَلْ جَآءَهُم بِٱلْحَقِّ } ، يعني بالصدق والقول الذي لا تخفى صحتُه وحسنُه على عاقل، { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ }. { وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ } ، قال ابن جريج ومقاتل والسدي وجماعة: " الحق " هو الله، أي: لو اتبع الله مرادهم فيما يفعل، وقيل: لو اتبع مرادهم، فسمى لنفسه شريكاً وولداً كما يقولون: { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ } ، وقال الفراء والزجاج: والمراد بالحق القرآن أي: لو نزل القرآن بما يحبون من جعل الشريك والولد على ما يعتقدونه { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } ، وهو كقوله تعالى:لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء: 22]. { بَلْ أَتَيْنَـٰهُم بِذِكْرِهِمْ } ، بما يذكرهم، قال ابن عباس: أي بما فيه فخرُهم وشرفُهم يعني القرآن، فهو كقوله تعالى:لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَـٰباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } [الأنبياء: 10]، أي: شرفكم،وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [الزخرف: 44]، أي: شرف لك ولقومك. { فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ } ، يعني عن شرفهم، { مُّعْرِضُونَ }. { أَمْ تَسْئَلُهُمْ } ، على ما جئتهم به، { خَرْجاً } ، أجراً وجُعْلاً، { فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ } ، أي: ما يعطيك الله من رزقه وثوابه خير، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّٰزِقِينَ } ، قرأ حمزة والكسائي: " خراجاً " " فخراج " كلاهما بالألف، وقرأ ابن عامر كلاهما بغير ألف وقرأ الآخرون: " خرجاً " بغير ألف " فخراج " بالألف. { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ، وهو الإِسلام. { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَٰطِ } ، أي: عن دين الحق، { لَنَـٰكِبُونَ } ، لعادلون مائلون.