الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ } * { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } * { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }

{ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ } ، أي: عن قليل، و " ما " صلة، { لَّيُصْبِحُنَّ } ، ليصيرن، { نَـٰدِمِينَ } ، على كفرهم وتكذيبهم. { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } ، يعني صيحة العذاب، { بِٱلْحَقِّ } ، قيل: أراد بالصيحة الهلاك. وقيل: صاح بهم جبريل صيحة فتصدعت قلوبهم، { فَجَعَلْنَـٰهُمْ غُثَآءً } ، وهو ما يحمله السيل من حشيش وعيدان شجر، معناه: صيرناهم هلكَى فيبسوا يبس الغثاء من نبات الأرض، { فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ }. { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً ءَاخَرِينَ } ، أي: أقواماً آخرين. { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا } ، أي: ما تسبق أمة أجلها، أي: وقت هلاكها، { وَمَا يَسْتَـأْخِرُونَ } ، وما يتأخرون عن وقت هلاكهم. { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا } ، أي: مترادفين يتبع بعضهم بعضاً غير متواصلين، لأن بين كل نبيين زماناً طويلاً، وهي فعلى من المواترة، قال الأصمعي: يقال واترت الخبر أي أَتْبعت بعضَه بعضاً، وبين الخبرين هنيهة. واختلف القراء فيه، فقرأ أبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمروٍ: بالتنوين، ويقفون بالألف، ولا يميله أبو عمرو، وفي الوقف فيها كالألف في قولهم: رأيت زيداً، وقرأ الباقون بلا تنوين، والوقف عندهم يكون بالياء، ويميله حمزة والكسائي، وهو مثل قولهم: غضبَى وسكرَى، وهو اسم جمع مثل شتى، وعلى القراءتين التاء الأولى بدل من الواو، وأصله: " وترى " من المواترة والتواتر، فجعلت الواو تاء، مثل: التقوى والتكلان. { كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً } ، بالهلاك، أي: أهلكنا بعضهم في إثر بعض، { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَحَادِيثَ } ، أي: سَمَراً وقصصاً، يتحدث مَنْ بعدَهم بأمرهم وشأنهم، وهي جمع أُحدوثة. وقيل: جمع حديث. قال الأخفش: إنما هذا في الشر، وأما في الخير فلا يقال جعلتهم أحاديث وأحدوثة، وإنما يقال صار فلان حديثاً، { فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }.