الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } * { إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ }

{ إِنَّهُ } الهاء في " إنه " عماد وتسمى أيضاً المجهولة، { كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِى } ، وهم المؤمنون { يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّٰحِمِينَ }. { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً } ، قرأ أهل المدينة وحمزة والكسائي: " سُخْرياً " بضم السين هاهنا وفي سورة ص، وقرأ الباقون بكسرهما، واتفقوا على الضم في سورة الزخرف. قال الخليل: هما لغتان مثل قولهم: بحر لُجي، ولِجي بضم اللام وكسرها، مثل كوكب دُري ودِري، قال الفراء والكسائي: الكسر بمعنى الاستهزاء بالقول، والضم بمعنى التسخير والاستعباد بالفعل، واتفقوا في سورة الزخرف بأنه بمعنى التسخير، { حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ } أي: أنساكم اشتغالكم بالاستهزاء بهم وتسخيرهم، { ذِكْرِى وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } نظيره:إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ } [المطففين: 29] قال مقاتل: نزلت في بلال وعمار وخباب وصهيب وسلمان والفقراء من الصحابة، كان كفار قريش يستهزؤون بهم. { إِنِّى جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ } ، على أذاكم واستهزائكم في الدنيا، { أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } ، قرأ حمزة والكسائي " أنهم " بكسر الألف على الاستئناف، وقرأ الآخرون بفتحها، فيكون في موضع المفعول الثاني إني جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز بالجنة.