الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلَٰوةِ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ }

قال الله تعالى: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ } ، أي: جماعة مؤمنة سلفت قبلكم، { جَعَلْنَا مَنسَكًا } ، قرأ حمزة والكسائي بكسر السين هاهنا وفي آخر السورة، على معنى الاسم مثل المجلس والمطلع، أي: مذبحاً وهو موضع القربان، وقرأ الآخرون بفتح السين على المصدر، مثل المدخل والمخرج، أي: إراقة الدماء وذبح القرابين، { لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَـٰمِ } ، [عند نحرها وذبحها، وسماها بهيمة] لأنها لا تتكلم، وقال: " بهيمة الأَنعام " وقيدها بالنَّعم، لأن من البهائم ما ليس من الأنعام كالخيل والبغال والحمير، لا يجوز دخلها في القرابين. { فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَٰحِدٌ } ، أي: سموا على الذبائح اسم الله وحده، فإن إلهكم إله واحد، { فَلَهُ أَسْلِمُواْ } ، انقادوا وأطيعوا، { وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } ، قال ابن عباس وقتادة: المتواضعين. وقال مجاهد: المطمئنين إلى الله عزّ وجلّ، " والخَبْتُ " المكان المطمئن من الأرض. وقال الأخفش: الخاشعين. وقال النخعي: المخلصين. وقال الكلبي: هم الرقيقة قلوبهم. وقال عمرو بن أوس: هم الذين لا يَظلِمون وإذا ظُلموا لم ينتصروا. { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ } ، من البلاء والمصائب، { وَٱلْمُقِيمِى ٱلصَّلَوٰةِ } ، أي: المقيمين للصلاة في أوقاتها، { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } ، يتصدقون.