الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ }

{ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } ، أي: احذروا عقابه بطاعته، { إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ } ، والزلزلة والزِّلْزال شدة الحركة على الحالة الهائلة، واختلفوا في هذه الزلزلة: فقال علقمة والشعبي: هي من أشراط الساعة. وقيل: قيام الساعة. وقال الحسن والسدي: هذه الزلزلة تكون يوم القيامة. وقال ابن عباس: زلزلة الساعة قيامها فتكون معها. { يَوْمَ تَرَوْنَهَا } ، يعني الساعة، وقيل: الزلزلة، { تَذْهَلُ } قال ابن عباس: تشغل، وقيل: تنسىٰ، يقال: ذهلت عن كذا أي تركته واشتغلت بغيره. { كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ } ، أي: كل امرأة معها ولد ترضعه، يقال: امرأة مرضع، بلا هاء، إذا أريد به الصفة، مثل حائض وحامل، فإذا أرادوا الفعل أدخلوا الهاء. { وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } ، أي: تسقط ولدها من هول ذلك اليوم. قال الحسن: تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام، وهذا يدل على أن هذه الزلزلة تكون في الدنيا لأن بعد البعث لا يكون حمل. ومن قال: تكون في القيامة، قال هذا على وجه تعظيم الأمر لا على حقيقته، كقولهم: أصابنا أمر يشيب فيه الوليد، يريد به شدته. { وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَـٰرَىٰ } ، قرأ حمزة والكسائي: " سكرى وما هم بسكرى " بلا ألف وهما لغتان في جمع السكران، مثل كسلى وكسالى. قال الحسن: معناه: وترى الناس سكارى من الخوف، وما هم بسكارى من الشراب. وقيل: معناه: وترى الناس كأنهم سكارى، { وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ }. أخبرنا الإِمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن عمر بن بكير الكوفي العبسي، أخبرنا وكيع عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم قم فابعثْ بَعْثَ النار، قال فيقول: لبيك وسعديك والخير كله في يديك، يا رب وما بعث النار؟ قال: فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، قال: فحينئذ يشيب المولود، وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، قال فيقولون: وأينا ذلك الواحد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تسعمائة وتسعة وتسعون من يأجوج ومأجوج ومنكم واحد " ، فقال الناس: الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والله إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، والله إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، والله إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " قال فكبَّر الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنتم يومئذ في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض ".

السابقالتالي
2