الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ }

{ قَالَ } ، إبراهيم، { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } ، غضب من أن تعبدوا معه الصغار وهو أكبر منهم فكسرهنّ، وأراد بذلك إبراهيم إقامة الحجة عليهم، فذلك قوله: { فَسْـئَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } ، حتى يخبروا بمن فعل ذلك بهم. قال القتيبي: معناه بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون على سبيل الشرط، فجعل النطق شرطاً للفعل، أي إن قدروا على النطق قدروا على الفعل، فأراهم عجزهم عن النطق، وفي ضمنه أنا فعلت،. وروي عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله: { بَلْ فَعَلَهُ } ويقول: معناه فعله من فعله، والأول أصح لما رُوي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لم يكذب إبراهيم إلاَّ ثلاث كذبات، اثنتان منهن في ذات الله، قوله: { إِنِّى سَقِيمٌ } [الصافات: 89]، وقوله: { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ } ، وقوله على سارة هذه أختي " وقيل في قوله: { إِنِّى سَقِيم } أي سأسقم، وقيل: سقم القلب أي مغتم بضلالتكم، وقوله لسارة: هذه أختي أي في الدين، وهذه التأويلات لنفي الكذب عن إبراهيم، والأولىٰ هو الأول للحديث فيه، ويجوز أن يكون الله عزّ وجلّ أذن له في ذلك لقصد الصلاح وتوبيخهم والاحتجاج عليهم، كما أذن ليوسف حتى أمر مناديه فقال لإخوته:أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } [يوسف: 70]. ولم يكونوا سرقوا.