الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } * { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ }

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ ٱلْفُرْقَانَ } ، يعني الكتاب المفرِّق بين الحق والباطل، وهو التوراة. وقال ابن زيد: الفرقان النصر على الأعداء، كما قال الله تعالى:وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } [الأنفال: 41]، يعني يوم بدر، لأنه قال { وَضِيَآءً } ، أدخل الواو فيه أي آتينا موسى النصر والضياء، وهو التوراة. ومن قال: المراد بالفرقان التوراة، قال: الواو في قوله: { وَضِيَآءً } ، زائدة مقحمة، معناه: آتيناه التوراة ضياء، وقيل: هو صفة أخرى للتوراة، { وَذِكْراً } ، تذكيراً، { لِّلْمُتَّقِينَ }. { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ } ، أي يخافونه ولم يروه، { وَهُم مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } ، خائفون. { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَـٰهُ } ، يعني القرآن وهو ذكر لمن يذكر به، مبارك يتبرك به ويطلب منه الخير، { أَفَأَنْتُمْ } ، يا أهل مكة، { لَهُ مُنكِرُونَ } ، جاحدون، وهذا استفهام توبيخ وتعيير. قوله عزّ وجلّ: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَٰهِيمَ رُشْدَهُ } ، قال القرطبي: أي صلاحه، { مَن قَبْلُ } ، أي من قبل موسى وهارون، وقال المفسرون: رشده، أي هداه من قبل أي من قبل البلوغ، وهو حين خرج من السرب وهو صغير، يريد هَديناه صغيراً كما قال تعالى ليحيى عليه السلام:وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } [مريم: 12]، { وَكُنَّا بِهِ عَـٰلِمِينَ } ، أنه أهل للهداية والنبوة.