الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ } * { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ }

{ قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْىِ } ، أي أخوفكم بالقرآن، { وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ } ، قرأ ابن عامر بالتاء وضمها وكسر الميم، " الصم " نصب، جعل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ الآخرون بالياء وفتحها وفتح الميم، " الصم " رفعٌ، { إِذَا مَا يُنذَرُونَ } ، يَخوَّفون. { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ } ، أصابتهم { نَفْحَةٌ } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما طَرَفٌ. وقيل: قليلٌ. قال ابن جريج: نصيبٌ، من قولهم نفح فلان لفلان من ماله أي أعطاه حظاً منه. وقيل: ضربة من قولهم نَفَحَتِ الدابةُ برجلها إذا ضربت، { مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } ، أي بإهلاكنا إنّا كنّا مشركين، دعوا على أنفسهم بالويل بعدما أقروا بالشرك. { وَنَضَعُ ٱلْمَوَٰزِينَ ٱلْقِسْطَ } ، أي ذوات القسط، والقسط: العدل، { لِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } ، لا ينقص من ثواب حسناته ولا يزاد على سيآته، وفي الأخبار: إن الميزان له لسان وكفتان. روي أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان فأراه كل كفة ما بين المشرق والمغرب، فغُشي عليه، فلما أفاق فقال: يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات؟ قال: يا داود إني إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة. { وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ } ، قرأ أهل المدينة { مثقال } برفع اللام هاهنا وفي سورة لقمان، أي وإن وقع مثقال حبة، ونصبها الآخرون على معنى: وإن كان ذلك الشيء مثقال حبة أي زنة من خردل، { أَتَيْنَا بِهَا } أحضرناها لنجازي بها. { وَكَفَىٰ بِنَا حَـٰسِبِينَ } ، قال السدي: مُحصين، والحَسْبُ معناه: العدّ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: عالمين حافظين، لأن من حسب شيئاً علمه وحفظه.