الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

{ وَجَعَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ } ، جبالاً ثوابت، { أَن تَمِيدَ بِهِمْ } يعني كي لا تميد بهم، { وَجَعَلْنَا فِيهَا } ، في الرواسي، { فِجَاجاً } ، طرقاً ومسالك، والفج: الطريق الواسع بين الجبلين، أي جعلنا بين الجبال طرقاً حتى يهتدوا إلى مقاصدهم، { سُبُلاً } ، تفسير للفجاج، { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ }. { وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً } ، من أن تسقط، دليله قوله تعالى:وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [الحج: 65]، وقيل: محفوظاً من الشياطين بالشهب، دليله قوله تعالى:وَحَفِظْنَـٰهَا مِن كُلِّ شَيْطَـٰنٍ رَّجِيمٍ } [الحجر: 17]، { وَهُمْ } ، يعني الكفار، { عَنْ ءَايَـٰتِهَا } ، ما خلق الله فيها من الشمس والقمر والنجوم وغيرها، { مُّعْرِضُونَ } ، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها. { وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَـٰرَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } ، يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء، وإنما قال: { يَسْبَحُونَ } ، ولم يقل يسبح على ما يقال لما لا يعقل، لأنه ذكر عنها فعل العقلاء من الجري والسبح، فذكر على ما يعقل. والفَلَكُ: مدار النجوم الذي يضمها، والفَلَكُ في كلامِ العرب: كل شيء مستدير وجمعه أفلاك، ومنه فلك المغزل. وقال الحسن: الفلك طاحونة كهيئة فَلَكَةِ المغزل: يريد أن الذي يجري فيه النجوم مستدير كاستدارة الطاحونة. وقال بعضهم: الفلك السماء الذي فيه ذلك الكوكب، فكل كوكب يجري في السماء الذي قدر فيه، وهو معنى قول قتادة. وقال الكلبي: الفلك استدارة السماء. وقال آخرون: الفلك موج مكفوف دون السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم.