الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } * { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } * { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ }

{ لاَهِيَةً } ، ساهيةً غافلة، { قُلُوبُهُمْ } ، معرضةً عن ذكر الله، وقوله: { لاَهِيَةً } نعتٌ تقدَّم الاسم، ومن حق النعت أن يتبعَ الاسم في الإِعراب، وإذا تقدَّم النعتُ الاسمَ فله حالتان: فصلٌ ووصلٌ، فحالتُه في الفصل النصبُ كقوله تعالى:خُشَّعاً أَبْصَـٰرُهُمْ } [القمر: 7]،وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَـٰلُهَا } [الإنسان: 14]، و { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } ، وفي الوصل حالة ما قبله من الإِعراب كقوله،أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّـٰلِمِ أَهْلُهَا } [النساء: 75] { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، أي أشركوا، قوله: { وَأَسَرُّواْ } فعل تقدم الجمع وكان حقه وأسر، قال الكسائي: فيه تقديم وتأخير، أراد: والذين ظلموا أسروا النجوى. وقيل: محل " الذين " رفعٌ على الابتداء، معناه: وأسروا النجوى، ثم قال: وهم الذين ظلموا. وقيل: رفع على البدل من الضمير في أسروا. قال المبرِّد: هذا كقولك إن الذين في الدار انطلقوا بنو عبد الله، على البدل مما في انطلقوا ثم بيّن سرهم الذي تناجَوْا به فقال: { هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } ، انكروا إرسال البشر وطلبوا إرسال الملائكة. { أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ } ، أي تحضرون السحر وتقبلونه، { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } ، تعلمون أنه سحر. { قَالَ } ، لهم يا محمد، { رَبِّى يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِى ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } ، قرأ حمزة والكسائي وحفص: " قال ربي " ، على الخبر عن محمد صلى الله عليه وسلم، { يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِى ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } أي لا يخفىٰ عليه شيء، { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } ، لأقوالهم، { ٱلْعَلِيمُ } ، بأفعالهم. { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَـٰثُ أَحْلاَمٍ } ، أباطيلُها وأقاويلها وأهاويلُها رآها في النوم، { بَلِ ٱفْتَرَاهُ } ، اختلقه، { بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } ، يعني أن المشركين اقتسموا القول فيه وفيما يقوله: فقال بعضهم: أضغاث أحلام. وقال بعضهم: بل هو فِرْية. وقال بعضهم: بل محمد شاعر وما جاءكم به شعر. { فَلْيَأْتِنَا } محمد، { بِـآيَةٍ } ، إنْ كان صادقاً { كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } ، من الرسل بالآيات. قال الله تعالى مجيباً لهم: { مَآ ءَامَنَتْ قَبْلَهُم } ، قبل مشركي مكة، { مِّن قَرْيَةٍ } ، أي من أهل قرية أتتهم الآيات، { أَهْلَكْنَـٰهَآ } ، أهلكناهم بالتكذيب، { أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ }؟، إن جاءتهم آية، معناه: أن أولئك لم يؤمنوا بالآيات لمّا أتتهم أفيؤمنُ هؤلاء؟.