الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً }

{ قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِى ٱلْحَيَوٰةِ } ، أي: ما دمت حياً، { أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } ، أي: لا تخالط أحداً، ولا يخالطك أحد، وأمر موسى بني إسرائيل أن لا يخالطوه، ولا يقربوه. قال ابن عباس: لا مساس لك ولولدك، و " المساس " من المماسة، معناه: لا يمس بعضنا بعضاً، فصار السامري يهيم في البرية مع الوحوش والسباع، لا يمس أحداً ولا يمسه أحد، عاقبه الله بذلك، وكان إذا لقي أحداً يقول " لا مساس " ، أي: لا تقربني ولا تمسني. وقيل: كان إذا مس أحداً أو مسه أحد حُمَّا جميعاً حتى أن بقاياهم اليوم يقولون ذلك، وإذا مسّ أحد من غيرهم أحداً منهم حُمَّا جميعاً في الوقت. { وَإِنَّ لَكَ } ، يا سامري، { مَوْعِداً } ، لعذابك، { لَّن تُخْلَفَهُ } ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: { لن تخلِفه } بكسر اللام. أي لن تغيب عنه، ولا مذهب لك عنه، بل توافيه يوم القيامة، وقرأ الآخرون بفتح اللام أي لن تكذبه ولن يخلفك الله، ومعناه: أن الله تعالى يكافئك على فعلك ولا تفوته. { وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ } ، بزعمك، { ٱلَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً } ، أي ظلت ودمت عليه مقيماً تعبده، والعرب تقول: ظلت أفعل كذا بمعنى ظللت، ومستُ بمعنى مسستُ. { لَنُحَرِّقَنَّهُ } ، بالنار، قرأ أبو جعفر بالتخفيف من الإِحراق، { ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ } ، لنذرينه، { فِى ٱلْيَمِّ } ، في البحر، { نَسْفاً } ، روي أن موسى أخذ العجل فذبحه فسال منه دم، لأنه كان قد صار لحماً ودماً، ثم حرقه بالنار، ثم ذراه في اليم، قرأ ابن محيصن: " لنحرقنّه " بفتح النون وضم الراء لنبردنه بالمبرد، ومنه قيل للمبرد المحرق. وقال السدي: أخذ موسى العجل فذبحه ثم حرقه بالمبرد، ثم ذراه في اليم.