الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } * { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } * { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } * { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي }

{ قَالَ يَٰهَـٰرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } ، أشركوا { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } ، أي: أن تتبعني و { لاَ } صلة أي تتبع أمري ووصيتي، يعني: هلا قاتلتهم وقد علمت أني لو كنت فيهم لقاتلتهم على كفرهم. وقيل: " أن لا تتبعني " أي: ما منعك من اللحوق بي وإخباري بضلالتهم، فتكون مفارقتك إياهم زجراً لهم عمّا أتوه، { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى } ، أي خالفت أمري. { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى } ، أي بشعر رأسي وكان قد أخذ ذوائبه، { إِنِّى خَشِيتُ } ، لو أنكرتُ عليهم لصاروا حزبين يقتل بعضهم بعضاً، { أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِىۤ إِسْرآءِيلَ } ، أي خشيت إن فارقتهم واتبعتك صاروا أحزاباً يتقاتلون، فتقول: أنت فرَّقت بين بني إسرائيل، { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى } ، ولم تحفظ وصيتي حين قلت لك اخلفني في قومي، وأصلح أي ارفق بهم، ثم أقبل موسى على السامري. { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ } ما أمرك وشأنك؟ وما الذي حملك على ما صنعت؟ { يَٰسَـٰمِرِيُّ }. { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ } ، رأيت ما لم يروا وعرفت ما لم يعرفوا. قرأ حمزة والكسائي: { ما لم تبصروا } بالتاء على الخطاب، وقرأ الآخرون بالياء على الخبر. { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ } ، أي من تراب أثر فرس جبريل، { فَنَبَذْتُهَا } ، أي ألقيتها في فم العجل. وقال بعضهم: إنما خار لهذا لأن التراب كان مأخوذاً من تحت حافر فرس جبريل. فإن قيل: كيف عرف ورأى جبريل من بين سائر الناس؟ قيل: لأن أمه لما ولدته في السنة التي يقتل فيها البنون وضعته في الكهف حذراً عليه، فبعث الله جبريل ليربيه لما قضى على يديه من الفتنة. { وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ } ، أي زينت، { لِى نَفْسِى }.