الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } * { قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ }

{ فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَـٰنَ أَسِفاً } ، حزيناً. { قَالَ يَٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } ، صدقاً أنه يعطيكم التوراة، { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ } ، مدة مفارقتي إياكم، { أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ } ، أي: أردتم أن تفعلوا فعلاً يوجب عليكم به الغضب من ربكم، { فَأَخلَفْتُم مَّوْعِدِى }. { قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } ، قرأ نافع، وأبو جعفر، وعاصم: { بمَلْكنا } بفتح الميم، وقرأ حمزة والكسائي بضمها، وقرأ الآخرون بكسرها، أي: ونحن نملك أمرنا. وقيل: باختيارنا، ومن قرأ بالضم معناه بقدرتنا وسلطاننا، وذلك أن المرء إذا وقع في البلية والفتنة لم يملك نفسه. { وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ } ، قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر، ويعقوب: " حَمَلْنا " بفتح الحاء، وتخفيف الميم، وقرأ الآخرون بضم الحاء وتشديد الميم، أي: جعلونا نحملها وكلفنا حملها، { أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ } ، من حُلي قوم فرعون، سمّاها أوزاراً لأنهم أخذوها على وجه العارية فلم يردوها، وذلك أن بني إسرائيل كانوا قد استعاروا حلياً من القبط، وكان ذلك معهم حين خرجوا من مصر. وقيل: إن الله تعالى لما أغرق فرعون نبذ البحر حليهم فأخذوها، فكانت غنيمة، ولم تكن الغنيمة حلالاً لهم في ذلك الزمان، فسماها أوزاراً لذلك. { فَقَذَفْنَاهَا } ، قيل: إن السامري قال لهم احفروا حفيرة فألقوها فيها حتى يرجع موسى. قال السدي: قال لهم هارون إن تلك غنيمة لا تحل، فاحفروا حفيرة فألقوها فيها حتى يرجع موسى، فيرى رأيه فيها، ففعلوا. قوله: { فَقَذَفْنَاهَا } أي: طرحناها الحفرة، { فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِىُّ } ، ما معه من الحلى فيها، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أوقد هارون ناراً وقال: اقذفوا فيها ما معكم، فألقوه فيها، ثم ألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل. قال قتادة: كان قد أخذ قبضة من ذلك التراب في عمامته.