الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } * { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } * { قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } * { قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ }

{ قُلْنَا } ، لموسى: { لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } ، أي الغالب، يعني: لك الغلبة والظفر. { وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ } ، يعني العصا، { تَلْقَفْ } ، تلتقم، وتبتلع، { مَا صَنَعُوۤاْ } ، قرأ ابن عامر " تلقفُ " برفع الفاء هاهنا، وقرأ الآخرون بالجزم على جواب الأمر، { إِنَّمَا صَنَعُواْ } ، إن الذي صنعوا، { كَيْدُ سَاحِرٍ } ، أي حيلة سحر، هكذا قرأ حمزة والكسائي: بكسر السين بلا ألف، وقرأ الآخرون " ساحر " لأن إضافة الكيد إلى الفاعل أولى من إضافته إلى الفعل، وإن كان ذلك لا يمتنع في العربية، { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } ، من الأرض، قال ابن عباس: لا يسعد حيث كان. وقيل: معناه حيث احتال. { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ } ، لرئيسكم ومعلِّمكم، { ٱلَّذِى عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } ، أي: على جذوع النخل، { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً } أنا على إيمانكم به، أو رَبُّ موسى على ترك الإِيمان به؟ { وَأَبْقَىٰ } ، أي: أدوم. { قَالُواْ } ، يعني السحرة: { لَن نُّؤْثِرَكَ } ، لن نختارك، { عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ } ، يعني الدلالات، قال مقاتل: يعني اليد البيضاء، والعصا. وقيل: كان استدلالهم أنهم قالوا لو كان هذا سحراً فأين حبالنا وعصينا. وقيل: { مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ } يعني من التبيين والعلم. حكي عن القاسم بن أبي بَزَّة أنه قال: إنهم لما أُلْقُوا سُجَّداً ما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار، ورأوا ثواب أهلها، ورأوا منازلهم في الجنة، فعند ذلك قالوا: لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات، { وَٱلَّذِى فَطَرَنَا } ، أي: لن نؤثرك على الله الذي فطرنا، وقيل: هو قسم، { فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ } ، أي: فاصنع ما أنت صانع، { إِنَّمَا تَقْضِى هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَآ } ، أي: أمرك وسلطانك في الدنيا وسيزول عن قريب.