الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } * { قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ }

{ قَالَ } فرعون، { فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } ، ومعنى البال الحال، أي ما حال القرون الماضية والأمم الخالية مثل قوم نوح وعاد وثمود فيما تدعونني إليه فإنها كانت تعبد الأوثان وتنكر البعث. { قَالَ } ، موسى، { عِلْمُهَا عِندَ رَبِّى } ، أي أعمالهم محفوظة عند الله يجازي بها. وقيل: إنما رد موسى علم ذلك إلى الله لأنه لم يعلم ذلك، فإن التوراة أنزلت إليه بعد هلاك فرعون وقومه. { فِى كِتَـٰبٍ } ، يعني في اللوح المحفوظ، { لاَّ يَضِلُّ رَبِّى } ، أي لا يخطىء. وقيل: لا يغيب عنه شيء ولا يغيب عن شيء، { وَلاَ يَنسَى } ، أي: لا يخطيء ما كان من أمرهم حتى يجازيهم بأعمالهم وقيل: لا ينسى أي لا يترك الانتقام فينتقم من الكافر ويجازي المؤمن. { ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } قرأ أهل الكوفة: { مَهْداً } ، ههنا وفي الزخرف، فيكون مصدراً أي فرشاً، وقرأ الآخرون: «مهاداً»، كقوله تعالى:أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَاداً } [النبأ: 6]، أي: فراشاً وهو اسم لما يفرش، كالبساط: اسمٌ لما يبسط. { وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } السلك: إدخال الشيء في الشيء، والمعنى: أَدْخَلَ في الأرض لأجلكم طرقاً تسلكونها. قال ابن عباس: سهَّل لكم فيها طرقاً تسلكونها. { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } ، يعني: المطر. تم الإخبار عن موسى، ثم أخبر الله عن نفسه بقوله: { فَأَخْرَجْنَا بِهِ } ، بذلك الماء { أَزْوَاجاً } ، أصنافاً، { مِّن نَّبَـٰتٍ شَتَّىٰ } ، مختلف الألوان والطعوم والمنافع من أبيض وأحمر وأخضر وأصفر، فكل صنف منها زوج، فمنها للناس ومنها للدواب.