الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } * { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً }

{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } ، الكناية راجعة إلى الذين يتَّبعون الداعي، أي يعلم الله { مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } ما قدموا { وَمَا خَلْفَهُمْ } ما خلفوا من أمر الدنيا. وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } من الآخرة { وَمَا خَلْفَهُمْ } من الأعمال. { وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } ، قيل: الكناية ترجع إلى " ما " أي: هو يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، وهم لا يعلمونه. وقيل: الكناية راجعة إلى الله لأن عباده لا يحيطون به علماً. { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَىِّ ٱلْقَيُّومِ } ، ذلت وخضعت، ومنه قيل للأسير: عانٍ. وقال طَلْق بن حبيب: هو السجود على الجبهة للحي القيوم، { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } ، قال ابن عباس: خسر من أشرك بالله، والظلم هو الشرك. { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ } ، قرأ ابن كثير { فلا يخف } مجزوماً على النهي جواباً لقوله تعالى: { وَمَن يَعْمَلْ } ، وقرأ الآخرون { فَلاَ يَخَافُ } مرفوعاً على الخبر، { ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } ، قال ابن عباس: لا يخاف أن يزاد عليه في سيئاتِه، لا ينقص من حسناته. وقال الحسن: لا ينقص من ثواب حسناته ولا يحمل عليه ذنب مسيء. وقال الضحاك: لا يؤخذ بذنب لم يعمله ولا تبطل حسنة عملها، وأصل الهضم: النقص والكسر، ومنه هضم الطعام.