الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } * { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } * { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } * { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً }

{ فَيَذَرُهَا } ، أي: فيدع أماكن الجبال من الأرض، { قَاعاً صَفْصَفاً } ، أي: أرضاً ملساء مستوية لا نبات فيها، و " القاع " ما انبسط من الأرض و " الصفصف ": الأملس. { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } ، قال مجاهد: انخفاضاً وارتفاعاً. وقال الحسن: " العِوَجُ ": ما انخفض من الأرض، و " الأَمْتُ ": ما نشز من الروابي، أي: لا ترى وادياً ولا رابية. قال قتادة: لا ترى فيها صدعاً ولا أكمة. { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ } ، أي صوت الداعي الذي يدعوهم إلى موقف القيامة، وهو إسرافيل، وذلك أنه يضع الصور في فيه، ويقول: أيتها العظام البالية والجلود المتمزقة واللحوم المتفرقة هلمُّوا إلى عرض الرحمن. { لاَ عِوَجَ لَهُ } ، أي: لدعائه، وهو من المقلوب، أي: لا عوج لهم عن دعاء الداعي، لا يزيغون عنه يميناً وشمالاً، ولا يقدرون عليه بل يتبعونه سراعاً. { وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ } ، أي: سكنت وذلت وخضعت، ووصف الأصوات بالخشوع والمراد أهلها، { فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } ، يعني صوت وطء الأقدام إلى المحشر، و " الهمس ": الصوت الخفي كصوت اخفاف الإِبل في المشي. وقال مجاهد: هو تخافت الكلام وخفض الصوت. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تحريك الشفاه من غير نطق. { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ } ، يعني: لا تنفع الشفاعة أحداً من الناس، { إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } ، يعني إلا من أذن له أن يشفع، { وَرَضِىَ لَهُ قَوْلاً } ، يعني: ورضي قوله، قال ابن عباس: يعني: قال لا إله إلا الله، فهذا يدل على أنه لا يشفع غير المؤمن.