الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } * { فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ }

قوله تعالىٰ: { حَافِظُواْ علَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ } أي واظبوا وداوموا على الصلوات المكتوبات بمواقيتها وحدودها وإتمام أركانها، ثم خص من بينها الصلاة الوسطى بالمحافظة عليها دلالة على فضلها، والوسطى تأنيث الأوسط، ووسط الشيء: خيره وأعدله واختلف العلماء من الصحابة ومن بعدهم في الصلاة الوسطى فقال قوم: هي صلاة الفجر، وهو قول عمر وابن عمر وابن عباس ومعاذ وجابر، وبه قال عطاء وعكرمة ومجاهد، وإليه ذهب مالك والشافعي، لأن الله تعالىٰ قال: { وَقُومُواْ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ } والقنوت طول القيام، وصلاة الصبح مخصوصة بطول القيام وبالقنوت لأن الله تعالىٰ خصها في آية أخرى من بين الصلوات فقال الله:وَقُرْءَانَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } [الإسراء: 78]، يعني تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، فهي مكتوبة في ديوان الليل وديوان النهار، ولأنها بين صلاتي جمع وهي لا تقصر ولا تجمع إلى غيرها، وذهب قوم إلى أنها صلاة الظهر، وهو قول زيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وأسامة بن زيد، لأنها في وسط النهار وهي أوسط صلاة النهار في الطول. أخبرنا عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو القاسم بن جعفر الهاشمي أنا أبو علي اللؤلؤي أنا أبو داود أنا محمد بن المثنى أنا محمد بن جعفر أنا شعبة حدثني عمرو بن أبي حكيم قال: سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ولم يكن يصلي صلاة أشدَّ على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منها، فنزلت: { حَـٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ }. وذهب الأكثرون إلى أنها صلاة العصر رواه جماعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول علي وعبد الله بن مسعود وأبي أيوب وأبي هريرة وعائشة رضوان الله عليهم وبه قال إبراهيم النخعي وقتادة والحسن. أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذنِّي { حَـٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ } فلما بلغتها آذنتها فأملت عليّ { حَـٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ } ـ «صلاة العصر» { وَقُومُواْ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ } قالت عائشة رضي الله عنها: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن حفصة مثل ذلك. أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أنا أبو جعفر الرّيَّاني أنا حميد بن زنجويه أخبرنا أبو نعيم أنا سفيان عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: قلنا لعبيدة سل علياً عن الصلاة الوسطى فسأله فقال: كنا نرى أنها صلاة الفجر حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الخندق:

السابقالتالي
2 3