الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }

قوله تعالىٰ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ } نزلت في علماء اليهود حين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم وغيرهما من الأحكام التي كانت في التوراة { أُولَـٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ } وأصل اللعن الطرد والبُعد { وَيَلْعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ } أي يسألون الله أن يلعنهم ويقولون: اللهم العنهم. واختلفوا في هؤلاء اللاعنين، قال ابن عباس: جميع الخلائق إلا الجن والإِنس. وقال قتادة: هم الملائكة وقال عطاء: الجن والإِنس وقال الحسن: جميع عباد الله. وقال ابن مسعود: ما تلاعن اثنان من المسلمين إلا رجعت تلك اللعنة على اليهود والنصارى الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم وصفته وقال مجاهد: اللاعنون البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر وقالت هذا من شؤم ذنوب بني آدم ثم استثنى فقال: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } من الكفر { وَأَصْلَحُواْ } أسلموا أو أصلحوا الأعمال فيما بينهم وبين ربهم { وَبَيَّنُواْ } ما كتموا { فَأُوْلَـٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } أتجاوز عنهم وأقبل توبتهم { وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ } الرجاع بقلوب عبادي المنصرفة عني إليّ { ٱلرَّحِيمُ } بهم بعد إقبالهم عليّ.