الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } * { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

قوله تعالىٰ: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه { يَعْرِفُونَهُ } يعني يعرفون محمداً صلى الله عليه وسلم { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ } من بين الصبيان، قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام إن الله قد أنزل على نبيه { ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أبْنَآءَهُمْ } فكيف هذه المعرفة؟ قال عبد الله: يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما عرفت ابني ومعرفتي بمحمد صلى الله عليه وسلم أشد من معرفتي بابني، فقال عمر: وكيف ذلك؟ فقال أشهد إنه رسول الله حق من الله تعالىٰ، وقد نعته الله في كتابنا ولا أدري ما تصنع النساء، فقال عمر وفقك الله يا ابن سلام فقد صدقت { وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ } يعني صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمر الكعبة { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ثم قال: { الحَقُّ مِن رَّبِّكَ } أي هذا الحق خبر مبتدأ مضمر وقيل رفع بإضمار فعل أي جاءك الحق من ربك { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } الشاكين. قوله تعالىٰ: { وَلِكُلٍ وِجْهَةٌ } أي لأهل كل ملة قبلة والوجهة اسم للمتوجه إليه { هُوَ مُوَلِّيهَا } أي مستقبلها ومقبل إليها يقال: وليته ووليت إليه: إذا أقبلت إليه، ووليت عنه إذا أدبرت عنه. قال مجاهد: هو موليها وجهه، وقال الأخفش، هو كناية عن الله عز وجل يعني الله مولي الأمم إلى قبلتهم وقرأ ابن عامر: مُوَلاَّها، أي: المستقبل مصروف إليها { فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَٰتِ } أي إلى الخيرات، يريد: بادروا بالطاعات، والمراد المبادرة إلى القبول { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ } أنتم وأهل الكتاب { يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا } يوم القيامة فيجزيكم بأعمالكم { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }. قوله تعالىٰ { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } قرأ أبو عمرو بالياء والباقون بالتاء.