الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } * { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } * { إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } * { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } * { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً }

{ أَن دَعَوْا } ، أي من أجل أن جعلوا { لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } ، قال ابن عباس وكعب: فزعت السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين، وكادت أن تزول وغضبت الملائكة، واستعرت جهنم حين قالوا: اتخذ الله ولداً. ثم نفى الله عن نفسه الولد فقال: { وَمَا يَنبَغِى لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } ، أي ما يليق به اتخاذ الولد ولا يوصف به. { إِن كُلُّ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ ءَاتِى ٱلرَّحْمَـٰنِ } ، أي إلا آتيه يوم القيامة، { عَبْداً } ذليلاً خاضعاً يعني: أن الخلق كلهم عبيده. { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } ، أي: عدَّ أنفاسهم وأيامهم وآثارهم، فلا يخفىٰ عليه شيء. { وَكُلُّهُمْ ءَاتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فَرْداً } ، وحيداً ليس معه من الدنيا شيء. قوله عزّ وجلّ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } أي: محبة. قال مجاهد: يحبهم الله ويحبِّبُهم إلى عباده المؤمنين. أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أحب الله العبد قال لجبرائيل: قد أحببتُ فلاناً فأحبَّهُ، فيحبه جبرائيل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله عزّ وجلّ قد أحب فلاناً فأَحِبُّوه، فيحبُّه أهل السماء ثم يُوْضَعُ له القَبُول في الأرض، وإذا أبغض الله العبد ". قال مالك: لا أحسبه إلاَّ قال في البغض مثل ذلك. قال هرم بن حيان: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عزّ وجلّ إلاَّ أقبل الله بقلوب أهل الإِيمان إليه حتى يرزقه مودتهم.