الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } * { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً } * { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } * { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً }

{ كَلاَّ } ، ردٌّ عليه، يعني: لم يفعل ذلك، { سَنَكْتُبُ } ، سنحفظ عليه، { مَا يَقُولُ } ، [فنجازيه به في الآخرة. وقيل: نأمر الملائكة حتى يكتبوا ما يقول]. { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } ، أي: نزيده عذاباً فوق العذاب. وقيل: نطيل مدة عذابه. { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } ، أي ما عنده من المال والولد بإهلاكنا إيّاه وإبطال ملكه وقوله ما يقول، لأنه زعم أن له مالاً وولداً " في الآخرة " ، أي: لا نعطيه ونعطي غيره، فيكون الإِرث راجعاً إلى ما تحت القول لا إلى نفس القول. وقيل: معنى قوله: { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } أي: نحفظ ما يقول حتى نجازيه به. { وَيَأْتِينَا فَرْداً } ، يوم القيامة بلا مال ولا ولد. قوله عزّ وجلّ: { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةً } يعني: مشركي قريش اتخذوا الأصنام آلهة يعبدونها، { لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } ، أي منعة، حتىٰ يكونوا لهم شفعاء يمنعونهم من العذاب. { كَلاَّ } ، أي ليس الأمر كما زعموا، { سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـادَتِهِمْ } ، أي تجحد الأصنام والآلهة التي كانوا يعبدونها عبادةَ المشركين ويتبرؤون منهم، كما أخبر الله تعالىتَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعبُدُونَ } [القصص: 63]. { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } ، أي أعداءً لهم، وكانوا أولياءهم في الدنيا. وقيل: أعواناً عليهم يكذبونهم ويلعنونهم. قوله عزّ وجلّ: { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَـٰطِينَ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } ، أي سلَّطْناهم عليهم، وذلك حين قال لإِبليس:وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } الآية [الإسراء: 64]، { تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } ، تزعجهم إزعاجاً من الطاعة إلى المعصية، " والأزّ " " والهزّ ": التحريك، أي: تحركهم وتحثهم على المعاصي.