الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }

{ ثُمَّ نُنَجِّى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } ، أي اتقوا الشرك، وهم المؤمنون. والنجاة إنّما تكون مما دخلت فيه. وقرأ الكسائي، ويعقوب: { نُنْجِي } بالتخفيف. والآخرون: بالتشديد. والدليل على هذا: ما أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي، أخبرنا عبد الرحيم بن منيب، أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يموت لمسلمٍ ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلَّة القسم ". وأراد بالقسم قوله: { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا }. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا هشام، أخبرنا قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن بُرَّة من خير. ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير " وقال أبان عن قتادة: " منْ إيمان " مكان " خير ". أخبرنا أبو المظفر محمد بن إسماعيل بن علي الشجاعي، أخبرنا أبو نصر النعمان بن محمد بن محمود الجرجاني، أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري، أخبرنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد بن الفضل أبو النعمان، أخبرنا سلام بن مسكين، أخبرنا أبو الظلال عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن رجلاً في النار ينادي ألف سنة يا حنان يا منان، فيقول الله عزّ وجلّ لجبريل: اذهب فائتني بعبدي هذا، قال: فذهب جبريل فوجد أهل النار منكبِّين يبكون، قال: فرجع فأخبر ربه عزّ وجلّ، قال: اذهب فإنه في موضع كذا وكذا، قال: فجاء به، قال: يا عبدي كيف وجدتَ مكانك ومقيلك؟ قال: يا رب شرّ مكان وشرّ مقيل، قال: ردوا عبدي، قال: ما كنت أرجو أن تعيدني إليها إذ أخرجتني منها، قال الله تعالى لملائكته: دعوا عبدي ". وأما قوله عزّ وجلّ:لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا } [الأنبياء: 102] قيل: إن الله عزّ وجلّ أخبر عن وقت كونهم في الجنة أنهم لا يسمعون حسيسها، فيجوز أن يكونوا قد سمعوا ذلك قبل دخولهم الجنة، لأنه لم يقل: لم يسمعوا حسيسها. ويجوز أن لا يسمعوا حسيسها عند دخولهم إيّاها، لأن الله عزّ وجلّ يجعلها عليهم برداً وسلاماً. وقال خالد بن معدان: يقول أهل الجنة ألم يَعِدْنَا ربُّنا أن نرد النار؟ فيقال: بلى، ولكنكم مررتم بها، وهي خامدة.

السابقالتالي
2 3 4