الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } * { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }

{ تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا } أي: نعطي وننزل. وقيل: يورث عباده المؤمنين المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا، { مَن كَانَ تَقِيّاً } ، أي: المتقين من عباده. قوله عزّ وجلّ: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } ، أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا خلاد بن يحيـى، أخبرنا عمر بن ذر قال: سمعت أبي يحدِّث عن سعيد بن جبير، " عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا» فنزلت: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا } " الآية: قال: كان هذا الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم. وقال عكرمة، والضحاك، وقتادة، ومقاتل، والكلبي: " احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، فقال أخبركم غداً، ولم يقل: إن شاء الله، حتى شقَّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزل بعد أيام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك»، فقال له جبريل: إني كنت أَشْوَق، ولكني عبد مأمور، إذا بُعثت نزلت، وإذا حُبست احتبست، فأنزل الله { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } " وأنزل: " والضحى والليل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى ". { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ } ، أي: له علم ما بين أيدينا. واختلفوا فيه: فقال سعيد بن جبير، وقتادة، ومقاتل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: من أمر الآخرة والثواب والعقاب، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى من الدنيا { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: ما يكون من هذا الوقت إلى قيام الساعة. وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: ما بقي من الدنيا، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: أي: ما بين النفختين، وبينهما أربعون سنة. وقيل: { ما بين أيدينا } ما بقي من الدنيا، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: مدة الحياة. وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: بعد أن نموت، { وَمَا خَلْفَنَا }: قبل أن نخلق، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: مدة الحياة. وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: الأرض إذا أردنا النزول إليها، { وَمَا خَلْفَنَا }: السماء إذا نزلنا منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: الهواء يريد: أن ذلك كله لله عزّ وجلّ، فلا نقدر على شيء إلاّ بأمره. { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } ، أي: ناسياً، يقول: ما نسيك ربك، أي: ما تركك، والناسي التارك. { رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } ، أي: اصبر على أمره ونهيه، { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: مِثْلاً. وقال الكلبي: هل تعلم أحداً يُسمىٰ " اللهُ " غيره؟