الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً }

{ إِلاَّ مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً }. { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ٱلَّتِى وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ } ، ولم يروها، { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } ، يعني: آتياً، مفعول بمعنى فاعل. وقيل: لم يقل آتياً لأن كل من أتاك فقد أتيته، والعرب لا تفرق بين قول القائل: أتت عليّ خمسون سنة وبين قوله: أتيت على خمسين سنة، ويقول: وصل إليَّ الخير ووصلت إلى الخير. وقال ابن جرير: " وعده " أي: موعده، وهو الجنة، " مأتياً " يأتيه أولياؤه أهل الجنة، وأهل طاعته. { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا } ، في الجنة { لَغْواً } ، باطلاً وفحشاً وفضولاً من الكلام. وقال مقاتل: هو اليمين الكاذبة. { إِلاَّ سَلَـٰماً } ، استثناءٌ من غير جنسه، يعني: بل يسمعون فيها سلاماً. أي: قولاً يسلمون منه، " والسلام " اسم جامع للخير، لأنه يتضمن السلامة. معناه: إن أهل الجنة لا يسمعون ما يؤثمهم، إنما يسمعون ما يسلمهم. وقيل: هو تسليم بعضهم على بعض، وتسليم الملائكة عليهم. وقيل: هو تسليم الله عليهم. { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } ، قال أهل التفسير: ليس في الجنة ليل يعرف به البكرة والعشي، بل هم في نور أبداً، ولكنهم يأتون بأرزاقهم على مقدار طرفي النهار. وقيل: إنهم يعرفون وقت النهار برفع الحجب، ووقت الليل بإرخاء الحجب. وقيل: المراد منه رفاهية العيش، وسعة الرزق من غير تضييق. وكان الحسن البصري يقول: كانت العرب لا تعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشي، فوصف الله عزّ وجلّ جنته بذلك.