الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً } * { وَوَهَبْنَا لَهْم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } * { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } * { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً }

{ فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ، فذهب مهاجراً، { وَهَبْنَا لَهُ } بعد الهجرة { إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } آنسنا وحشته [من فراقهم]، وأقررنا عينه، بأولادٍ كرام على الله عز، { وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً } يعني: إسحاق ويعقوب. { وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا }. قال الكلبي: المال والولد، وهو قول الأكثرين، قالوا: ما بسط لهم في الدنيا من سعة الرزق. وقيل: الكتاب والنبوّة. { وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } ، يعني ثناءً حسناً رفيعاً في كل أهل الأديان، فكلُّهم يتولَّونهم، ويثنون عليهم. قوله عزّ وجلّ: { وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً } ، غير مُرَاءٍ، أخلص العبادة والطاعة لله عزّ وجلّ. وقرأ أهل الكوفة { مخلَصاً } بفتح اللام أي: مختاراً اختاره الله عزّ وجلّ. وقيل: أخلصه الله من الدنس. { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً }. { وَنَـٰدَيْنَـٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ } ، يعني: يمين موسى، والطور: جبل بين مصر ومدين. ويقال: اسمه " الزَّبِيْر " وذلك حين أقبل من مدين ورأى النار نوديأَن يَٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [القصص: 30]. { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } ، أي: مناجياً، فالنجي المناجي، كما يقال: جليس ونديم. قال ابن عباس: معناه: قرَّبه فكلَّمه، ومعنى التقريب: إسماعه كلامه. وقيل: رفعه على الحجب حتى سمع صرير القلم.