الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً } * { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً } * { وَبَرّاً بِوَٰلِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً } * { وَٱلسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً }

{ قَالَ إِنِّى عَبْدُ ٱللَّهِ } ، وقال وهب: أتاها زكريا عند مناظرتها اليهود، فقال لعيسى: انطق بحجتك إن كنت أمرت بها، فقال عند ذلك عيسى عليه السلام وهو ابن أربعين يوماً ـ وقال مقاتل: بل هو يوم ولد ـ: إني عبد الله، أقرّ على نفسه بالعبودية لله عزّ وجلّ أول ما تكلم لئلا يتخذ إلهاً، { ءَاتَانِىَ ٱلْكِتَـٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً } ، قيل: معناه سيؤتيني الكتاب ويجعلني نبياً. وقيل: هذا إخبار عما كتب له في اللوح المحفوظ، كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: متى كنت نبياً؟ قال: " كنتُ نبياً وآدم بين الروح والجسد " وقال الأكثرون أوتيَ الإِنجيل وهو صغير طفل، وكان يعقل عقل الرجال. وعن الحسن: أنه قال: أُلْهِم التوراة وهو في بطن أمه. { وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ } ، أي نفّاعاً حيث ما توجهت. وقال مجاهد: معلماً للخير. وقال عطاء: أدعو إلى الله وإلى توحيده وعبادته. وقيل: مباركاً على من تبعني. { وَأَوْصَانِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ } ، أي: أمرني بهما. فإن قيل: لمْ يكن لعيسى مال فكيف يؤمر بالزكاة؟ قيل: معناه بالزكاة لو كان لي مال وقيل: بالاستكثار من الخير. { مَا دُمْتُ حَيّاً }. { وَبَرّاً بِوَالِدَتِى } أي وجعلني براً بوالدتي، { وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً } ، أي عاصياً لربه. قيل: " الشَّقِيُّ ": الذي يذنب ولا يتوب. { وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ } ، أي: السلامة عند الولادة من طعن الشيطان. { وَيَوْمَ أَمُوتُ } ، أي عند الموت من الشرك، { وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً } ، من الأهوال. ولما كلَّمهم عيسى بهذا علموا براءة مريم، ثم سكت عيسى عليه السلام، فلم يتكلم بعد ذلك حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الصبيان.