الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً } * { فَحَمَلَتْهُ فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً }

{ قَالَ } ، جبريل: { كَذَٰلِكِ } ، قيل: معناه كما قلت يامريم ولكن، { قَالَ رَبُّك }. وقيل هكذا قال ربك، { هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ } ، أي: خَلْق ولد بلا أب، { وَلِنَجْعَلَهُ ءَايَةً } ، علامة، { لِّلْنَّاسِ } ، ودلالة على قدرتنا، { وَرَحْمَةً مِّنَّا } ، ونعمة لمن تبعه على دينه، { وَكَانَ } ذلك، { أَمْراً مَّقْضِيّاً } ، محكوما مفروغاً منه لا يُرَدُّ ولا يبدَّل. قوله عزّ وجلّ: { فَحَمَلَتْهُ } ، قيل: إن جبريل رفع عنها درعها فنفخ في جيبه فحملت حين لبست. وقيل: مدَّ جيب درعها بأصبعه ثم نفخ في الجيب. وقيل: نفخ في كم قميصها. وقيل: في فيها. وقيل: نفخ جبريل عليه السلام نفخاً من بعيد فوصل الريح إليها فحملت بعيسى في الحال، { فَٱنتَبَذَتْ بِهِ } ، أي: تنحَّتْ بالحمل، وانفردت، { مَكَاناً قَصِيّاً } ، بعيداً من أهلها. قال ابن عباس رضي الله عنهما: أقصى الوادي، وهو وادي بيت لحم، فراراً من قومها أن يعيِّروها بولادتها من غير زوج. واختلفوا في مدة حملها ووقت وضعها فقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان الحمل والولادة في ساعة واحدة. وقيل: كان مدة حملها تسعة أشهر كحمل سائر النساء. وقيل: كان مدة حملها ثمانية أشهر، وكان ذلك آية أخرى لأنه لا يعيش ولد يولد لثمانية أشهر، وولد عيسى لهذه المدة وعاش. وقيل: ولدت لستة أشهر. وقال مقاتل بن سليمان: حملته مريم في ساعة، وصوِّر في ساعة، ووضعته في ساعة حين زالت الشمس من يومها، وهي بنت عشر سنين، وكانت قد حاضت حيضتين قبل أن تحمل بعيسى.