الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ قَالَ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } * { فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً } * { قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً }

{ ءَاتُونِى }: أعطوني، وقرأ أبو بكر: { ائتوني } أي جيئوني، { زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } ، أي: قِطَع الحديد، واحدتها زُبْرَة، فأتوه بها وبالحطب، وجعل بعضها على بعض، فلم يزل يجعل الحديد على الحطب والحطب على الحديد، { حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } ، قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو، ويعقوب: بضم الصاد والدال، وجزم أبو بكر الدال، وقرأ الآخرون بفتحها، وهما الجبلان، ساوىٰ: أي: سوى بين طرفي الجبلين. { قَالَ ٱنفُخُواْ } ، وفي القصة: أنه جعل الفحم والحطب في خلال زبر الحديد، ثم قال: انفخوا، يعني: في النار. { حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً } ، أي صار الحديد ناراً، { قَالَ ءَاتُونِىۤ } ، قرأ حمزة وأبو بكر وصلاً، وقرأ الآخرون بقطع الألف. { أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } ، أي: آتوني قطراً أفرغ عليه، و " الإِفراغ ": الصبّ، و " القِطْر ": هو النحاس المذاب، فجعلت النار تأكل الحطب، ويصير النحاس مكان الحطب حتى لزم الحديد النحاس. قال قتادة: هو كالبُرْدِ المحبَّر، طريقة سوداء وطريقة حمراء. وفي القصة: أن عرضه كان خمسين ذراعاً وارتفاعه مائتي ذراع وطوله فرسخ. { فَمَا ٱسْطَـٰعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ } ، أن يعلوه من فوقه لطوله وملاسته، { وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً } ، من أسفله، لشدَّته ولصلابته. وقرأ حمزة: { فما استطاعوا } بتشديد الطاء أدغم تاء الافتعال في الطاء. { قَالَ } ، يعني ذا القرنين، { هَـٰذَا } ، أي السد، { رَحْمَةٌ } ، أي: نعمة، { مِّن رَّبِّى فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّى } ، قيل: القيامة. وقيل: وقت خروجهم. { جَعَلَهُ دَكَّآءَ } ، قرأ أهل الكوفة { دكاء } بالمد والهمز، أي: أرضاً ملساء، وقرأ الآخرون بلا مدّ، أي: جعله مدكوكاً مستوياً مع وجه الأرض، { وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى حَقّاً } ، وروى قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة يرفعه: " أن يأجوج ومأجوج يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً فيعيده الله كما كان، حتى إذا بلغت مدتهم حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله، واستثنى فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه فيخرجون على الناس، فيتبعون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء، فيرجع فيها كهيئة الدم، فيقولون: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء، فيبعث الله عليها نَغَفَاً في أَقْفَائِهم فيهلكون، وإن دواب الأرض لتسمن وتَشْكَرُ من لحومهم شكراً ". أخبرنا إسماعيل بن عبدالقاهر، أنبأنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا محمد بن مهران الرازي، حدثنا الوليد ابن مسلم، حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، عن يحيـى بن جابر الطائِيِّ، عن عبدالرحمن ابن جُبَيْر ابن نُفَيْر، عن أبيه جبير بن نفير، عن النَّواس بن سمعان قال:

السابقالتالي
2 3