الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً } * { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } * { قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً }

قوله عزّ وجلّ: { كَذَٰلِكَ } ، قيل: معناه كما بلغ مغرب الشمس كذلك بلغ مطلعها، والصحيح أن معناه: كما حكم في القوم الذين هم عند مغرب الشمس كذلك حكم في الذين هم عند مطلع الشمس، { وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً } ، يعني: بما عنده ومعه من الجند، والعدة، والآلات " خبراً " أي: علماً. { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً }. { حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } ، قرأ ابن كثير وأبو عمروٍ وحفصٌ { السدين } و { سداً } هاهنا بفتح السين، وافق حمزة والكسائي في " سَداً " ، وقرأ الباقون: بضم السين، وفي يس " سداً " بالفتح حمزة والكسائي، وحفص وقرأ الباقون بالضم، منهم من قال: هما لغتان، معناهما واحد. وقال عكرمة: ما كان من صنعة بني آدم فهو السَّد بالفتح، وما كان من صنع الله فهو سُدٌّ بالضم، وقاله أبو عمرو. وقيل: " السَّد ": بالفتح مصدر، وبالضم اسم، وهما هاهنا: جبلان، سدَّ ذو القرنين ما بينهما، حاجزاً بين يأجوج ومأجوج ومن ورائهم. { وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً } يعني: أمام السّدَّيْن. { لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } ، قرأ حمزة، والكسائي: " يُفْقِهُون " بضم الياء وكسر القاف على معنى لا يفقهون غيرهم قولاً، وقرأ الآخرون: بفتح الياء والقاف، أي لا يفقهون كلام غيرهم، قال ابن عباس: لا يفقهون كلام أحد، ولا يفهم الناس كلامهم. { قَالُواْ يَٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ } فإن قيل: كيف قالوا ذلك وهم لا يفقهون؟. قيل: كلَّم عنهم مترجم، دليله قراءة ابن مسعود: لا يكادون يفقهون قولاً قال الذين من دونهم ياذا القرنين. { إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ } ، قرأهما عاصم بهمزتين، وكذلك في الأنبياء، " فتحت يأجوج ومأجوج " ، والآخرون بغير همز في السورتين، وهما لغتان، أصلهما من أجيج النار، وهو ضوؤها وشررها، شُبِّهوا به لكثرتهم وشدتهم. وقيل: بالهمزة من شدة أجيج النار، وبترك الهمز اسمان أعجميان، مثل هاروت وماروت، وهم من أولاد يافث بن نوح. قال الضحاك: هم جيل من الترك. قال السدي: الترك سرية من يأجوج ومأجوج، خرجت فضرب ذو القرنين السد، فبقيت خارجه، فجميع الترك منهم. وعن قتادة: أنهم اثنان وعشرون قبيلة، بنى ذو القرنين السدّ على إحدى وعشرين قبيلة فبقيت قبيلة واحدة فهم الترك، سموا الترك لأنهم تُركوا خارجين. قال أهل التواريخ: أولاد نوح ثلاثة سام وحام ويافث، فسام أبو العرب والعجم والروم، وحام أبو الحبشة والزنج والنوبة، ويافث أبو الترك والخزر والصقالبة، ويأجوج ومأجوج، قال ابن عباس في رواية عطاء: هم عشرة أجزاء وولد آدم كلهم جزء. روي عن حذيفة مرفوعاً: إن يأجوج أمة، ومأجوج أمة، كل أمة أربعمائة ألف أمة، لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه، كلهم قد حمل السلاح وهم من ولد آدم، يسيرون إلى خراب الدنيا.

السابقالتالي
2 3