الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } * { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } * { مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } * { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } * { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } * { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } * { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً }

{ مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } أي: مقيمين فيه. { وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا }. { مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَآئِهِمْ } ، أي: قالوه عن جهل لا عن علم، { كَبُرَتْ } ، أي: عظمت، { كَلِمَةً } ، نصب على التمييز، يقال تقديره: كبرت الكلمةُ كلمةً. وقيل: من كلمة، فحذف " مِنْ " فانتصب، { تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } أي: تظهر من أفواههم، { إِن يَقُولُونَ } ، ما يقولون، { إِلاَّ كَذِبًا }. { فَلَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِمْ } ، من بعدهم، { إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } ، أي: القرآن، { أَسَفاً } ، أي حزناً وقيل غضباً. { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا } ، فإن قيل: أي: زينة في الحيّات والعقارب والشياطين؟. قيل: فيها زينة على معنى أنها تدل على وحدانية الله تعالى. وقال مجاهد: أراد به الرجال خاصة، وهم زينة الأرض. وقيل: أراد بهم العلماء والصلحاء. وقيل: الزينة بالنبات والأشجار والأنهار، كما قال:حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ } [يونس: 24]. { لِنَبْلُوَهُمْ } ، لنختبرهم، { أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ، أي: أصلح عملاً. وقيل: أيهم أترك للدنيا. { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } ، فالصعيد وجه الأرض. وقيل: هو التراب، { جُرُزاً } يابساً أملس لا ينبت شيئاً. يقال: جرزت الأرض إذا أُكل نباتها. قوله تعالى: { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ ءَايَـٰتِنَا عَجَبًا } ، يعني: أظننتَّ يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً، أي هم عجب من آياتنا. وقيل: معناه إنهم ليسوا بأعجب من آياتنا، فإن ما خَلَقْتُ من السموات والأرض وما فيهن من العجائب أعجب منهم. و " الكهف ": هو الغار في الجبل. واختلفوا في " الرقيم ": قال سعيد بن جبير: هو لوح كتب فيه أسماء أصحاب الكهف وقصصهم ـ وهذا أظهر الأقاويل ـ ثم وضعوه على باب الكهف، وكان اللوح من رصاص، وقيل: من حجارة، فعلى هذا يكون الرقيم بمعنى المرقوم، أي: المكتوب، والرَّقْم: الكتابة. وحكى عن ابن عباس أنه اسم للوادي الذي فيه أصحاب الكهف، وعلى هذا هو من رقمة الوادي، وهو جانبه. وقال كعب الأحبار: هو اسم للقرية التي خرج منها أصحاب الكهف. وقيل: اسم للجبل الذي فيه الكهف. ثم ذكر الله قصة أصحاب الكهف، فقال: { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ }.