الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً } * { وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } * { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً }

{ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ } أي: كفر، { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } ، أي: نقتله، { ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ } ، في الآخرة { فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً } أي: منكراً، يعني: بالنار، والنار أنكر من القتل. { وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ } ، قرأ حمزة، والكسائي وحفص، ويعقوب: { جزاءً } منصوباً منوناً أي: فله الحسنى { جزاءً } نصب على المصدر وهو مصدر وقع موقع الحال، أي: فله الحسنى مجزياً بها. وقرأ الآخرون: بالرفع على الإِضافة، فالحسنى: الجنة أضاف الجزاء إليها، كما قال:وَلَدَارُ ٱلأَخِرَةِ خَيْرٌ } [يوسف: 109]، والدار هي الآخرة. وقيل: المراد بـ " الحسنى " على هذه القراءة: الأعمال الصالحة. أي له جزاءُ الأعمال الصالحة. { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } ، أي: نلين له القول، ونعامله باليسر من أمرنا. وقال مجاهد: " يسراً " أي: معروفاً. { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } ، أي: سلك طرقاً ومنازل. { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ } ، أي موضع طلوعها، { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً } ، قال قتادة، والحسن: لم يكن بينهم وبين الشمس ستر، وذلك أنهم كانوا في مكان لا يستقر عليه بناء، فكانوا يكونون في أسرابٍ لهم، حتى إذا زالت الشمس عنهم خرجوا إلى معايشهم وحروثهم. وقال الحسن: كانوا إذا طلعت الشمس يدخلون الماء، فإذا ارتفعت عنهم خرجوا يتراعون كالبهائم. وقال الكلبي: هم قوم عراة، يفترش أحدهم إحدى أذنيه، ويلتحف بالأخرى.