الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً }

{ فَأَتْبَعَ سَبَباً } ، أي: سلك وسار، قرأ أهل الحجاز، والبصرة " فاتَّبع " و " ثم ٱتَّبَعَ " موصولاً مشدداً، وقرأ الآخرون بقطع الألف وجزم التاء وقيل: معناهما واحد. والصحيح الفرق بينهما، فمن قطع الألف فمعناه: أدرك ولحق، ومن قرأ بالتشديد فمعناه سار، يقال: ما زلت أتَّبعه حتى أتبعته، أي: ما زلت أسير خلفه حتى لحقته. وقوله: " سبباً " أي: طريقاً. وقال ابن عباس: منزلاً. { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ } ، قرأ أبو جعفر، وأبو عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر: " حامية " بالألف غير مهموزة، أي حارَّة، وقرأ الآخرون " حَمِئة " مهموزاً بغير الألف، أي ذات حَمْأَةٍ، وهي الطينة السوداء. وسأل معاوية كعباً: كيف تجد في التوراة أن تغرب الشمس؟ قال: أجد في التوراة أنها تغرب في ماء وطين. قال القتيبي: يجوز أن يكون معنى قوله: { فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ } أي: عندها عين حمئة، أو في رأي العين. { وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً } ، أي عند العين أُمَّة، قال ابن جريج: مدينة لها اثنا عشر ألف باب، لولا ضجيج أهلها لسمعت وجبة الشمس حين تجب. { قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ } ، يستدل بهذا من زعم أنه كان نبياً فإن الله تعالى خاطبه، والأصح: أنه لم يكن نبياً، والمراد منه: الإِلهام. { إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ } ، يعني: إمّا أن تقتلهم إن لم يدخلوا في الإِسلام، { وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } ، يعني: تعفو وتصفح. وقيل: تأسرهم فتعلمهم الهدى، خيّره اللَّهُ بين الأمرين.