الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } * { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً }

{ أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَـٰكِينَ يَعْمَلُونَ فِى ٱلْبَحْرِ } ، قال كعب: كانت لعشرة إخوة خمسة زَمْنَٰى، وخمسة يعملون في البحر. وفيه دليل على أن المسكين وإن كان يملك شيئاً فلا يزول عنه اسم المسكنة إذا لم يقم ما يملكه بكفايته، { يَعْمَلُونَ فِى ٱلْبَحْرِ } أي: يؤاجرون ويكتسبون بها، { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } ، اجعلها ذات عيب. { وَكَانَ وَرَآءَهُم } ، أي أمامهم، { مَلِكٌ } ، كقوله:مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ } [إبراهيم: 16]. وقيل: " وراءهم " خلفهم، وكان رجوعهم في طريقهم عليه، والأول أصح، يدل عليه قراءة ابن عباس «وكان أمامهم ملك». { يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } ، أي كل سفينة صالحة غصباً، وكان ابن عباس يقرأ كذلك، فخرقها وعيَّبها الخضر حتى لا يأخذها الملك الغاصب، وكان اسمه الجلندي وكان كافراً. وقال محمد بن إسحاق: اسمه " متوله بن جلندي الأزدي ". وقال شعيب الجبائي: اسمه " هُدَدُ بنُ بُدَد ". وروي أن الخضر اعتذر إلى القوم وذكر لهم شأن الملك الغاصب، ولم يكونوا يعلمون بخبره، وقال: أردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها، فإذا جاوزوه أصلحوها فانتفعوا بها، وقيل: سدُّوها بقارورة. وقيل: بالقار. قوله عزّ وجلّ: { وَأَمَّا ٱلْغُلَـٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ } ، أي: فعلمنا، وفي قراءة ابن عباس: " وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين فخشينا " أي: فعلمنا، { أَن يُرْهِقَهُمَا } ، يغشيهما، وقال الكلبي: يكلفهما، { طُغْيَـٰناً وَكُفْراً } ، قال سعيد بن جبير: فخشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه.