الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } * { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ وَٱتَّخَذُوۤاْ ءَايَٰتِي وَمَآ أُنْذِرُواْ هُزُواً } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً }

قوله عزّ وجلّ: { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ } ، القرآن، والإِسلام، والبيان من الله عزّ وجلّ، وقيل: إنه الرسول صلى الله عليه وسلم. { وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } ، يعني: سنتنا في إهلاكهم إن لم يؤمنوا. وقيل: إلا طَلَبُ أن تأتيهم سنة الأولين من معاينة العذاب، كما قالوا:ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32]. { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } ، قال ابن عباس: أي: عياناً من المقابلة. وقال مجاهد: فجأة، وقرأ أبو جعفر وأهل الكوفة: { قبلاً } بضم القاف والياء، جمع قبيل أي: أصناف العذاب نوعاً نوعاً. { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَـٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَـٰطِلِ } ، ومجادلتهم قولهم:أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً } [الإسراء: 94]. ولَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف: 31]، وما أشبهه. { لِيُدْحِضُواْ } ، ليبطلوا، { بِهِ ٱلْحَقَّ } ، وأصل الدحض الزلق يريد ليزيلوا به الحق، { وَٱتَّخَذُوۤاْ ءايَاتِى وَمَا أُنذِرُواْ هُزُواً } ، فيه إضمار يعني وما أنذروا به وهو القرآن، هزواً أي استهزاء. { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ } ، وعُظ، { بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعرَضَ عَنْهَا } ، تولى عنها وتركها ولم يؤمن بها، { وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } ، أي: ما عمل من المعاصي من قبل، { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } ، أغطية، { أَن يَفْقَهُوهُ } ، أي: يفهموه يريد لئلا يفهموه، { وَفِى ءَاذَانِهِمْ وَقْراً } ، أي صمماً وثقلاً، { وَإِن تَدْعُهُمْ } ، يا محمد { إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } ، إلى الدين، { فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً } ، وهذا في أقوام علم الله منهم أنهم لا يؤمنون.