الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً }

قوله عزّ وجلّ: { وَلَبِثُواْ فِى كَهْفِهِمْ } ، يعني: أصحاب الكهف. قال بعضهم: هذا خبر عن أهل الكتاب أنهم قالوا ذلك. ولو كان خبراً من الله عزّ وجلّ عن قدر لبثهم لم يكن لقوله " قل الله أعلم بما لبثوا " وَجْهٌ، وهذا قول قتادة. ويدل عليه قراءة ابن مسعود: " وقالوا لبثوا في كهفهم " ثم ردّ الله تعالى عليهم فقال: " قل الله أعلم بما لبثوا ". وقال الآخرون: هذا إخبار من الله تعالى عن قدر لبثهم في الكهف وهو الأصح. وأما قوله: " قل الله أعلم بما لبثوا " فمعناه: أن الأمر من مدة لبثهم كما ذكرنا، فإن نازعوك فيها فأجِبْهم، وقل: الله أعلم بما لبثوا، أي: هو أعلم منكم، وقد أخبرنا بمدة لبثهم. وقيل: إن أهل الكتاب قالوا: إن هذه المدة من لدن دخلوا الكهف إلى يومنا هذا ثلثمائة وتسع سنين فردّ الله عليهم وقال: " قل الله أعلم بما لبثوا " يعني: بعد قبض أرواحهم إلى يومنا هذا لا يعلمه إلا الله. قوله تعالى: { ثَلاَثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ } قرأ حمزة والكسائي " ثلثمائة " بلا تنوين، وقرأ الآخرون بالتنوين. فإن قيل: لِمَ قال ثلثمائةٍ سنين ولم يقل سنة؟ قيل: نزلَ قوله: " ولبثوا في كهفهم ثلثمائة " ، فقالوا: أياماً أو شهوراً أو سنين؟ فنزلت " سنين ". قال الفرَّاء: ومن العرب من يضع سنين في موضع سنة. وقيل: معناه ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة. { وَٱزْدَادُواْ تِسْعًا } ، قال الكلبي: قالت نصارى نجران أما ثلثمائة فقد عرفنا، وأما التسع فلا علم لنا بها فنزلت { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ }.