الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً } * { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً }

{ وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } يعني: إذا عزمت على أن تفعل غداً شيئاً تقل أفعل غداً، حتى تقول إن شاء الله، وذلك أن أهل مكة سألوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين، فقال: أخبركم غداً ولم يقل إن شاء الله، فلبث الوحي أياماً ثم نزلت هذه الآية. { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } ، قال ابن عباس ومجاهد والحسن: معناه إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت فاستثن. وجوَّز ابنُ عباس الاستثناءَ المنقطع، وإن كان إلى سنة. وجوَّزه الحسن ما دام في المجلس، وجوزه بعضهم إذا قرب الزمان، فإن بَعُدَ فلا يصح. ولم يجوِّز باستثناء جماعة حتى يكون الكلام متصلاً بالكلام. وقال عكرمة: معنى الآية: واذكر ربك إذا غضبت. وقال وهب: مكتوب في الإِنجيل: ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب. وقال الضحاك والسدي: هذا في الصلاة. أخبرنا عبدالواحد المليحي، أنبأنا الحسن بن أحمد المخلدي، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة، حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من نسي صلاة فَلْيُصَلِّها إذا ذكرها " { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لأَِقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَدًا } ، أي: يثبتني على طريق هو أقرب إليه وأرشد. وقيل: أمر الله نبيه أن يذكره إذا نسي شيئاً، ويسألَه أن يهديه لما هو خير له من ذكر ما نسيه. ويقال: هو أن القوم لما سألوه عن قصة أصحاب الكهف على وجه العناد أمره الله عزّ وجلّ أن يخبرهم أن الله سيؤتيه من الحجج على صحة نبوته ما هو أدلُّ لهم من قصة أصحاب الكهف، وقد فعل، حيث آتاه من علم الغيب حال المرسلين ما كان أوضح لهم في الحجة وأقرب إلى الرشد من خبر أصحاب الكهف. وقال بعضهم: هذا شيء أمر أن يقوله مع قوله " إن شاء الله " إذا ذكر الاستثناء بعد النسيان، وإذا نسي الإِنسان " إن شاء الله " فتوبته من ذلك أن يقول: " عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً ".