الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً }

{ سَيَقُولُونَ ثَلَـٰثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } ، رُوي أن السيد والعاقب وأصحابهما من نصارى أهل نجران كانوا عند النبي فجرى ذكر أصحاب الكهف، فقال السيد ـ وكان يعقوبياً ـ: كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، وقال العاقب - وكان نسطورياً -: كانوا خمسة سادسهم كلبهم، وقال المسلمون: كانوا سبعة ثامنهم كلبهم، فحقق الله قول المسلمين بعد ما حكى قول النصارى، فقال: { سَيَقُولُونَ ثَلَـٰثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ } ، أي: ظنَّاً وحَدْسَاً من غير يقين، ولم يقل هذا في حق السبعة، فقال: { وَيَقُولُونَ } يعني: المسلمين، { سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ }. اختلفوا في الواو في قوله { وَثَامِنُهُمْ } قيل: تركها وذكرها سواء. وقيل: هي واو الحكم والتحقيق، كأنه حكى اختلافهم، وتم الكلام عند قوله ويقولون سبعة، ثم حقق هذا القول بقوله: { وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } والثامن لا يكون إلا بعد السابع. وقيل: هذه واو الثمانية، وذلك أن العرب تعدّ فتقول واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية، لأن العقد كان عندهم سبعة كما هو اليوم عندنا عشرة، نظيره قوله تعالى:ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ } إلى قوله:وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ } [التوبة: 112]، وقال في أزواج النبيعَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَٰجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَـٰتٍ مُّؤْمِنَـٰتٍ قَـٰنِتَـٰتٍ تَـٰئِبَـٰتٍ عَـٰبِدَٰتٍ سَـٰئِحَـٰتٍ ثَيِّبَـٰتٍ وَأَبْكَاراً } [التحريم: 5]. { قُل رَّبِّىۤ أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم } ، أي: بعددهم { مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ } ، أي: إلا قليل من الناس. قال ابن عباس: أنا من القليل، كانوا سبعة. وقال محمد بن إسحاق: كانوا ثمانية. قرأ: { وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } أي: حافظهم، والصحيح هو الأول. وروي عن ابن عباس أنه قال: هم مكسلمينا، ويمليخا، ومرطونس، وبينونس، وسارينونس، وذو نوانس، وكشفيططنونس، وهو الراعي، والكلب قطمير. { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ } ، أي: لا تجادل ولا تقل في عددهم وشأنهم، { إِلاَّ مِرَآءً ظَـٰهِرًا } ، إلا بظاهر ما قصصنا عليك، يقول حسبك ما قصصنا عليك، فلا تزد عليه، وقِفْ عنده، { وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ } ، من أهل الكتاب، { أَحَدًا } أي: لا ترجع إلى قولهم بعد أن أخبرناك.