الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } * { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } * { هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } * { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً }

{ نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ } نقرأ عليك { نبَأَهُم } ، خبر أصحاب الكهف. { بِٱلْحَقِّ } ، بالصدق { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ } ، شبان، { ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَـٰهُمْ هُدًى } ، إيماناً وبصيرة. { وَرَبَطْنَا } ، وشددنا، { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } ، بالصبر والتثبيت وقوّيناهم بنور الإِيمان حتى صبروا على هجران دار قومهم، ومفارقة ما كانوا فيه من العز وخصب العيش وفرّوا بدينهم إلى الكهف، { إِذْ قَامُواْ } ، بين يدي دقيانوس حين عاتبهم على ترك عبادة الصنم، { فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً } ، قالوا ذلك لأن قومهم كانوا يعبدون الأوثان، { لَّقَدْ قُلْنَآ إِذًا شَطَطًا } ، يعني: إن دعونا غير الله لقد قلنا إذاً شططاً، قال ابن عباس: جوراً. وقال قتادة: كذباً. وأصل الشطط والإِشطاط مجاوزة القدر والإِفراط. { هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا } يعني: أهل بلدهم، { ٱتَّخَذْواْ مِن دُونِهِ } ، أي: من دون الله، { ءَالِهَةً } ، يعني: الأصنام يعبدونها، { لَّوْلاَ } ، أي: هلا، { يَأْتُونَ عَلَيْهِم } ، أي: على عبادتهم، { بِسُلْطَـٰنٍ بَيِّنٍ } ، بحجة واضحة تبين وتوضح أن الأصنام تستحق العبادة من دون الله، { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } ، وزعم أن له شريكاً وولداً. ثم قال بعضهم لبعض: { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ } ، يعني قومهم، { وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ } ، قرأ ابن مسعود " وما يعبدون من دون الله " ، وأما القراءة المعروفة فمعناها: أنهم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه الأوثان، يقولون: وإذ اعتزلتموهم وجميع ما يعبدون إلا الله فإنكم لم تعتزلوا عبادته { فَأْوُواْ إِلَى ٱلْكَهْفِ } ، فالجأوا إليه، { يَنشُرْ لَكُمْ } ، يبسط لكم، { رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ } ، يسهل لكم، { مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا } أي: ما يعود إليه يسركم ورفقكم. قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر " مرفقاً " بفتح الميم وكسر الفاء، وقرأ الآخرون بكسر الميم وفتح الفاء، ومعناهما واحد، وهو ما يرتفق به الإِنسان.