الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً } * { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً } * { ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً } * { أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيۤ أَوْلِيَآءَ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً }

قوله عزّ وجلّ: { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِى بَعْضٍ } ، قيل: هذا عند فتح السد، يقول: تركنا يأجوج ومأجوج يموج، أي: يدخل، بعضهم في بعض، كموج الماء، ويختلط بعضهم ببعض لكثرتهم. وقيل: هذا عند قيام الساعة، يدخل الخلق بعضهم في بعض، ويختلط إنسيهم بجنيِّهم حيارىٰ، { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } ، لأن خروج يأجوج ومأجوج من علامات قرب الساعة، { فَجَمَعْنَـٰهُمْ جَمْعاً } ، في صعيد واحد. { وَعَرَضْنَا } ، أبرزنا، { جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَـٰفِرِينَ عَرْضاً } ، حتى يشاهدوها عياناً. { ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِى غِطَآءٍ } ، أي: غشاء، و " الغطاء ": ما يغطى به الشيء ويستره، { عَن ذِكْرِي } ، يعني: عن الإِيمان والقرآن، وعن الهدى والبيان. وقيل: عن رؤية الدلائل. { وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً } ، أي: سَمْعَ القَبُولِ، والإِيمانِ، لغلبة الشقاوة عليهم. وقيل: لا يعقلون وقيل: كانوا لا يستطيعون، أي: لا يقدرون أن يسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتلوه عليهم لشدة عداوتهم له، كقول الرجل: لا أستطيع أن أسمع من فلان شيئاً، لعداوته. قوله عزّ وجلّ: { أَفَحَسِبَ } ، أفظن، { ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِىۤ أَوْلِيَآءَ } ، أرباباً، يريد بالعباد: عيسى، والملائكة، كلا بل هم لهم أعداء ويتبرؤون منهم. قال ابن عباس: يعني الشياطين أطاعوهم من دون الله. وقال مقاتل: الأصنام سُمُّوا عباداً، كما قال:إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } [الأعراف: 194] وجواب هذا الاستفهام محذوف. وقال ابن عباس: يريد إني لأغضب لنفسي، يقول: أفظنَّ الذين كفروا أن يتخذوا غيري أولياء وإني لا أغضب لنفسي ولا أعاقبهم. وقيل: أفظنوا أنهم ينفعهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء. { إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَـٰفِرِينَ نُزُلاً } ، أي: منزلاً، قال ابن عباس: هي مثواهم. وقيل: النزل ما يهيأ للضيف، يريد: هي معدة لهم عندنا كالنزل للضيف.