الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً } * { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }

{ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } ، هذا استثناء منقطع معناه: لكن لا نشاء ذلك رحمة من ربك. { إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا } ، فإن قيل: كيف يذهب القرآن وهو كلام الله عزّ وجلّ؟ قيل: المراد منه: مَحْوُه من المصاحف وإذهاب ما في الصدور. وقال عبدالله بن مسعود: اقرؤوا القرآن قبل أن يرفع، فإنه لا تقوم الساعة حتى يرفع. قيل: هذه المصاحف ترفع فكيف بما في صدور الناس؟ قال: يسري عليه ليلاً فيرفع ما في صدورهم، فيصبحون لا يحفظون شيئاً ولا يجدون في المصاحف شيئاً، ثم يفيضون في الشعر. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: لا تقوم الساعة حتى يرجع القرآن من حيث نزل، له دَوِيٌّ حول العرش كدوي النحل، فيقول الرب مالك وهو أعلم؟ فيقول: يا رب أُتْلَٰى ولا يُعْمَل بي. قوله جلّ وعلا: { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ } ، لا يقدرون على ذلك، { وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } ، عوناً ومظاهراً. نزلت حين قال الكفار: لو نشاء لقلنا مثل هذا فكذبهم الله تعالى. فالقرآن معجز في النظم والتأليف والإِخبار عن الغيوب، وهو كلام في أعلى طبقات البلاغة لا يشبه كلام الخلق، لأنه غير مخلوق، ولو كان مخلوقاً لأتوا بمثله.