الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً }

قوله عزّ وجلّ: { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } الآية، اختلفوا في سبب نزولها. قال سعيد بن جبير: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود فمنعته قريش، وقالوا: [لا تلم] حتى تلم بآلهتنا وتمسّها، فحدث نفسه: ما عليَّ أن أفعل ذلك، والله تعالى يعلم أني لها كاره، بعد أن يدعوني حتى أستلم الحجر الأسود. وقيل: طلبوا منه أن يمس آلهتهم حتى يُسْلِموا ويتبعوه فحدَّث نفسه بذلك، فأنزل الله هذه الآية. قال ابن عباس: قدم وفد ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال، قال: وما هنّ؟ قالوا: أن لا ننحني ـ أي في الصلاة ـ ولا نكسر أصنامنا بأيدينا، وأن تمتعنا باللات سنة من غير أن نعبدها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود، وأما أن تكسروا أصنامكم بأيديكم فذاك لكم، وأما الطاغية ـ يعني اللات والعزى ـ فإني غير ممتعكم بها " ، فقالوا: يا رسول الله إنا نحب أن تسمع العرب إنك أعطيتنا ما لم تعطِ غيرنا، فإن خشيت أن تقول العرب أعطيتهم ما لم تعطنا، فقل: الله أمرني بذلك؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطمع القوم في سكوته أن يعطيهم ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية: { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } ليصرفونك { عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } { لِتفْتَرِىَ } ، لتختلق، { عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً } ، لو فعلت ما دَعَوْكَ إليه { لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } أي: وَالوكَ وصَافَوْكَ.