الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } * { رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } * { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً } * { أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } * { أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً }

قوله: { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } ، أي حافظاً مَنْ يوكل الأمر إليه. قوله عزّ وجلّ: { رَّبُّكُمُ ٱلَّذِى يُزْجِى لَكُمُ ٱلْفُلْكَ } أي: يسوق ويُجري لكم الفُلْك، { فِى ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } ، لتطلبوا من رزقه، { إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا }. { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ } ، الشدة وخوف الغرق، { فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ } ، أي: بطل وسقط، { مَن تَدْعُونَ } ، من الآلهة، { إِلاَّ إِيَّـٰهُ } ، إلا الله فلم تجدوا مغيثاً غيره وسواه، { فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ } ، أجاب دعاءكم وأنجاكم من هول البحر وأخرجكم، { إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ } ، عن الإِيمان والإِخلاص والطاعة، كفراً منكم لنِعَمِه، { وَكَانَ ٱلإِنسَـٰنُ كَفُورًا }. { أَفَأَمِنتُمْ } ، بعد ذلك، { أَن يَخْسِفَ بِكُمْ } ، يغور بكم، { جَانِبَ ٱلْبَرِّ } ، ناحية البر وهي الأرض، { أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا } ، أي: يمطر عليكم حجارةً من السماء كما أمطر على قوم لوط. وقال أبو عبيدة والقتيبي: الحاصب الريح التي ترمي بالحصباء، وهي الحصا الصغار، { ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } ، قال قتادة: مانعاً. { أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ } ، يعني في البحر، { تَارَةً } مرة، { أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ ٱلرِّيحِ } ، قال ابن عباس: أي: عاصفاً وهي الريح الشديدة. وقال أبو عبيدة: هي الريح التي تقصف كل شيء، أي تدقه وتحطمه. وقال القتيبي: هي التي تقصف الشجر، أي تكسره. { فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا } ، ناصراً ولا ثائراً، و " تَبِيْعٌ " بمعنى تابع، أي تابعاً مطالباً بالثأر. وقيل: من يتبعنا بالإِنكار. قرأ ابن كثير وأبو عمرو " أن نخسف، ونرسل، ونعيدكم، فنرسل، فنغرقكم " ، بالنون فيهن، لقوله " علينا ". وقرأ الآخرون بالياء لقوله: " إلا إيّاه " ، وقرأ أبو جعفر ويعقوب: { فتغرقكم } بالتاء يعني الريح.