الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } * { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } * { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً }

{ ٱنظُرْ } ، يا محمد، { كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } ، الأشباه، فقالوا: شاعر وساحر وكاهن ومجنون، { فَضَلُّواْ } ، فحاروا وحادوا، { فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } أي: وصولاً إلى طريق الحق. { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰماً } بعد الموت، { وَرُفَٰتاً } قال مجاهد: تراباً. وقيل: حطاماً. و " الرُّفات ": كل ما تكسَّر وبَلَى من كل شيء، كالفتات والحطام. { أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }. { قُلْ } لهم يا محمد: { كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } ، في الشدة والقوة، وليس هذا بأمر إلزام بل هو أمر تعجيز، أي: استشعروا في قلوبكم أنكم حجارة أو حديد في القوة. { أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ } ، قيل: السماء والأرض والجبال. وقال مجاهد وعكرمة وأكثر المفسرين: إنه الموت، فإنه ليس في نفس ابن آدم شيء أكبر من الموت، أي: لو كنتم الموت بعينه لأُميتنَّكم ولأَبعثنَّكم. { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا } ، من يبعثنا بعد الموت؟ { قُلِ ٱلَّذِى فَطَرَكُمْ } ، خلقكم، { أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، ومن قدر على الإنشاء قدر على الإِعادة، { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ } ، أي: يحرّكونها إذا قلتَ لهم ذلك مستهزئين بها، { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ } ، أي: البعث والقيامة، { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا } أي: هو قريب، لأن عسى من الله واجب، نظيره قوله تعالى:وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } [الأحزاب: 63].