الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً } * { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً } * { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً }

قوله عزّ وجلّ: { وَءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَٰءِيلَ أَلاَّ } بأن لا، { تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً } ، رباً وكفيلاً. قرأ أبو عمرو " لا يتخذوا " بالياء، لأنه خبر عنهم، والآخرون: بالتاء، يعني: قلنا لهم لا تتخذوا. { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا } ، قال مجاهد: هذا نداء، يعني يا ذرية من حملنا، { مَعَ نُوحٍ } ، في السفينة فأنجيناهم من الطوفان، { إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } ، كان نوح عليه السلام إذا أكل طعاماً أو شرب شراباً أو لبس ثوباً قال: الحمد لله، فسُمي عبداً شكوراً، أي: كثير الشكر. قوله عزّ وجلّ: { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِى إِسْرَٰءِيلَ فِى ٱلْكِتَـٰبِ } الآيات. روى سفيان بن سعيد الثوري عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ بني إسرائيل لمّا اعتدوا وقتلوا الأنبياء بعث الله عليهم ملك فارس " بختنصر " ، وكان الله ملَّكه سبعمائة سنة، فسار إليهم حتى دخل بيت المقدس، فحاصرها وفتحها، وقتل على دم يحيى بن زكريا عليه السلام سبعين ألفاً، ثم سبٰى أهلها والأبناء، وسلب حُليَّ بيت المقدس، واستخرج منها سبعين ألفاً ومائة ألف عجلة من حلي، قلت: يا رسول الله كان بيت المقدس عظيماً؟ قال: أجل بناه سليمان ابن داود من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد، وكان عمده ذهباً، أعطاه الله ذلك، وسخَّر له الشياطين، يأتونه بهذه الأشياء في طرفة عين، فسار بها بختنصر حتى نزل بابل فأقام بنو إسرائيل في يده مائة سنة يستعبدهم المجوس وأبناء المجوس، فيهم الأنبياء، ثم إن الله رحمهم فأوحى إلى ملك من ملوك فارس يقال له " كورش " ، وكان مؤمناً، أن يسير إليهم ليستنقذ بقايا بني إسرائيل، فسار كورش لبني إسرائيل وأخذ حلى بيت المقدس حتى ردَّها إليه، فأقام بنو إسرائيل مطيعين لله تعالى مائة سنة، ثم إنهم عادوا في المعاصي فسلَّط الله عليهم ملكاً يقال له " أنطيانوس " فغزا بني إسرائيل حتى أتاهم بيت المقدس، فسبى أهلها وأحرق بيت المقدس، وقال لهم: يا بني إسرائيل إن عدتم في المعاصي عدنا عليكم ثانياً بالسبي، فعادوا، فسلَّط الله عليهم ملك رومية يقال له " فاقس بن أستيانوس " ، فغزاهم في البر والبحر فسباهم وسبى حلي بيت المقدس وأحرق بيت المقدس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا من صفة حليّ بيت المقدس، ويرده المهدي إلى بيت المقدس، وهو ألف وسبعمائة سفينة يرمي بها على يافا حتى تنقل إلى بيت المقدس، وبها يجمع الله الأولين والآخرين ". قال محمد بن إسحاق: كانت بنو إسرائيل فيهم الأحداث والذنوب وكان الله في ذلك متجاوزاً عنهم محسناً إليهم، وكان أول ما نزل بهم بسبب ذنوبهم كما أخبر على لسان موسى عليه السلام، أن ملكاً منهم كان يدعى " صديقة " وكان الله تعالى إذا ملَّك الملك عليهم بعث معه نبياً يسدِّدُه ويرشده، لا ينزل عليهم الكتب، إنما يؤمرون باتباع التوراة والأحكام التي فيها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10