الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } * { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }

{ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً }. { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ } ، وحقها ما روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يَحِلُّ دمُ امرىءٍ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: رجل كَفَر بعد إيمانه، أو زنٰى بعد إحصانه، أو قتل نفساً بغير نفس فيقتل بها ". { وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَـٰناً } ، أي: قوةً وولاية على القاتل بالقتل، قاله مجاهد. وقال الضحاك: سلطانه هو أنه يتخيَّر، فإن شاء استقاد منه، وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء عفا عنه. { فَلاَ يُسْرِف فِّى ٱلْقَتْلِ } ، قرأ حمزة والكسائي: { فلا تسرف } بالتاء يخاطب ولي القتيل، وقرأ الآخرون: بالياء على الغائب أي: لا يسرف الولي في القتل. واختلفوا في هذا الإِسراف الذي منع منه، فقال ابن عباس، وأكثر المفسرين: معناه لا يقتل غير القاتل، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا قُتل منهم قتيل لا يرضون بقتل قاتله حتى يقتلوا أشرف منه. وقال سعيد بن جبير: إذا كان القاتل واحداً فلا يقتل جماعة بدل واحد، وكان أهل الجاهلية إذا كان المقتول شريفاً لا يرضون بقتل القاتل وحده حتى يقتلوا معه جماعة من أقربائه. وقال قتادة: معناه لا يمثل بالقاتل. { إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا } ، فالهاء راجعة إلى المقتول في قوله: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا } يعني: إن المقتول منصور في الدنيا بإيجاب القَوَدِ على قاتله، وفي الآخرة بتكفير خطاياه وإيجاب النار لقاتله، هذا قول مجاهد. وقال قتادة: الهاء راجعة إلى ولي المقتول، معناه: إنه منصور على القاتل باستيفاء القصاص منه أو الدية. وقيل في قوله: { فَلاَ يُسْرِف فِّى ٱلْقَتْلِ } أنه أراد به القاتل المعتدي، يقول: لا يتعدىٰ بالقتل بغير الحق، فإنه إن فعل ذلك فوليُّ المقتول منصور من قِبَلي عليه باستيفاء القصاص منه.