الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ } ، يعني نبيها من أنفسهم، لأن الأنبياء كانت تبعث إلى الأسم منها. { وَجِئْنَا بِكَ } ، يا محمد، { شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } ، الذين بُعْثِتَ إليهم. { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا } ، بياناً، { لِّكُلِّ شَىْءٍ } ، يحتاج إليه من الأمر والنهي، والحلال والحرام، والحدُود والأحكام، { وَهُدًى } ، من الضلالة، { وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ } ، بشارة { لِلْمُسْلِمِينَ }. قوله عزّ وجلّ: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } ، بالإِنصاف، { وَٱلإِْحْسَانِ } ، إلى الناس. وعن ابن عباس: " العدل ": التوحيد، و " الإِحسان ": أداء الفرائض. وعنه: " الإِحسان ": الإِخلاص في التوحيد، وذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الإِحسان أن تعبد الله كأنك تراه ". وقال مقاتل: " العدل ": التوحيد، و " الإِحسان ": العفو عن الناس. { وَإِيتَآءِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ } ، صلة الرحم. { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } ما قَبُحَ من القول والفعل. وقال ابن عباس: الزنا، { وَٱلْمُنكَرِ } ، مالا يُعْرف في شريعةٍ ولا سنة، { وَٱلْبَغْىِ } ، الكبر والظلم. وقال ابن عيينة: " العدل " استواء السر والعلانية، و " الإِحسان " أن تكون سريرته أحسن من علانيته، و " الفحشاء والمنكر " أن تكون علانيته أحسن من سريته. { يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ،تتعظون. قال ابن مسعود: أجمع آية في القرآن هذه الآية. وقال أيوب عن عكرمة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الوليد: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } إلى آخر الآية فقال له: يا ابن أخي أعِدْ فأعاد عليه، فقال: إن له والله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق، وما هو بقول البشر.