الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ }

قوله عزّ وجلّ: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا } ، يعني رسولاً { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، في الاعتذار. وقيل: في الكلام أصلاً، { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } ، يسترضون، يعني: لا يكلفون أن يرضوا ربهم، لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يرجعون إلى الدنيا فيتوبون. وحقيقة المعنى في الاستعتاب: أنه التعرض لطلب الرضا، وهذا الباب مُنسدٌّ في الآخرة على الكفار. { وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، كفروا، { ٱلْعَذَابَ } ، يعني جهنّم، { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }. { وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } ، يوم القيامة، { شُرَكَآءَهُمْ } ، أوثانهم، { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } ، أرباباً ونعبدهم، { فَأَلْقَوُاْ } ، يعني الأوثان، { إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } ، أي: قالوا لهم، { إِنَّكُمْ لَكَـٰذِبُونَ } ، في تسميتنا آلهة ما دعوناكم إلى عبادتنا. { وَأَلْقَوْاْ } يعني المشركين { إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } ، استسلموا وانقادوا لحكمه فيهم، ولم تُغْنِ عنهم آلهتهم شيئاً، { وَضَلَّ } ، وزال، { عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } ، من أنها تشفع لهم. { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، منعوا الناس عن طريق الحق { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } ، قال عبدالله: عقارب لها أنياب أمثال النخل الطوال. وقال سعيد بن جبير: حيَّات أمثال البُخْت، وعقارب أمثال البغال، تلسع إحداهن اللسعةَ يجد صاحبُها حمَّتها أربعين خريفاً. وقال ابن عباس ومقاتل: يعني خمسة أنهار من صُفْرٍ مذاب كالنار تسيل من تحت العرش، يعذبون بها ثلاثة على مقدار الليل واثنان على مقدار النهار. وقيل: إنهم يخرجون من حر النار إلى برد الزمهرير، فيبادرون من شدة الزمهرير إلى النار مستغيثين بها. وقيل: يضاعف لهم العذاب. { بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } ، في الدنيا بالكفر وصدِّ الناس عن الإِيمان.