الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }

{ وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلْرِّزْقِ } ، بسط على واحدٍ، وضيَّق على الآخر، وقلّل وكثّر. { فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّى رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ } ، من العبيد، { فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ } ، أي: حتى يستووا هم وعبيدهم في ذلك. يقول الله تعالى: لا يرضون أن يكونوا هم ومماليكهم فيما رزقتهم سواء، وقد جعلوا عبيدي شركائي في ملكي وسلطاني. يلزم به الحجة على المشركين. قال قتادة: هذا مَثَل ضربه الله عزّ وجلّ، فهل منكم أحد يشركه مملوكه في زوجته وفراشه وماله؟ أفتعدلون بالله خلقه وعباده؟؟ { أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } ، بالإِشراك به، وقرأ أبو بكر بالتاء لقوله: " والله فضّل بعضَكم على بعض في الرزق " ، الآخرون بالياء لقوله: " فهم فيه سواء ". قوله تعالى: { واللهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجاً } ، يعني: النساء، خلق من آدم زوجته حواء. وقيل: " من أنفسكم " أي: من جنسكم أزواجاً. { وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال ابن مسعود، والنخعي: الحفدة أختان الرجل على بناته. وعن ابن مسعود أيضاً: أنهم الأصهار، فيكون معنى الآية على هذا القول: وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات، تزوجونهم فيحصل بسببهم الأختان والأصهار. وقال عكرمة، والحسن، والضحاك: هم الخدم. قال مجاهد: هم الأعوان، مَنْ أعانك فقد حفدك. وقال عطاء: هم ولد ولد الرجل، الذين يعينونه ويخدمونه. وقال قتادة: مهنة يمتهنونكم ويخدمونكم من أولادكم. قال الكلبي ومقاتل: " البنين ": الصغار، و " الحفدة ": كبار الأولاد الذين يعينونه على عمله. وروى مجاهد، وسعيد بن جبير عن ابن عباس: أنهم ولد الولد. وروى العوفي عنه: أنهم بنو امرأة الرجل ليسوا منه. { وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } ، من النِّعم والحلال، { أَفَبِالبَاطِلِ } ، يعني الأصنام، { يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }؟ يعني التوحيد والإِسلام. وقيل: " الباطل ": الشيطان، أمرهم بتحريم البَحِيْرَة، والسائبة، و " بنعمة الله " أي: بما أحلَّ الله لهم " يكفرون ": يجحدون تحليله.