الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ }

{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ } فيعاجلهم بالعقوبة على كفرهم وعصيانهم، { مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا } ، أي: على الأرض، كناية عن غير مذكور، { مِن دَآبَّةٍ }. قال قتادة في الآية: قد فعل الله ذلك في زمن نوح، فأهلك مَنْ على الأرض، إلا مَنْ كان في سفينة نوح عليه السلام. روى أن أبا هريرة سمع رجلاً يقول: إن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال: بئس ما قلت إن الحبارى تموت في وكرها بظلم الظالم. وقال ابن مسعود: إن الجُعَل لتعذب في جحرها بذنب ابن آدم. وقيل: معنى الآية لو يؤاخذ الله آباء الظالمين بظلمهم انقطع النسل، ولم توجد الأبناء، فلم يبق في الأرض أحد. { وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ } ، يمهلهم بحلمه إلى أجل، { مُّسَمًّىٰ } ، إلى منتهى آجالهم وانقطاع أعمارهم. { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَـأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }. قوله عزّ وجلّ: { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } ، لأنفسهم يعني البنات، { وَتَصِفُ } ، أي: تقول، { أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ } ، يعني البنين، محل " إن " نصب بدل عن الكذب. قال يمان: يعني بـ " بالحسنى ": الجنة في المعاد، إن كان محمد صادقاً بالوعد في البعث. { لاَ جَرَمَ } حقاً. قال ابن عباس: بلى، { أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ } ، في الآخرة، { وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ } ، قرأ نافع بكسر الراء أي: مسرفون. وقرأ أبو جعفر بتشديد الراء وكسرها أي: مضيعون أمر الله. وقرأ الآخرون بفتح الراء وتخفيفها أي: منسيون في النار، قاله ابن عباس. وقال سعيد بن جبير: مبعدون. وقال مقاتل: متروكون. قال قتادة: معجلون إلى النار. قال الفراء: مقدّمون إلى النار، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " أنا فَرَطكُم على الحوض " أي: متقدمكم.